باب الخلافات الفقهية خرجت من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
بمعنى أن اجتهاد إمام ليس حجة على اجتهاد إمام آخر وهذا التقسيم بين أحكام الشريعة حفظ للشريعة أصالتها ووسع عطائها بحيث وسعت جميع مشكلات الناس طوال قرون الحكم بها.
ولم يزل عطاؤها خصباً.
(ب) شريعة القرآن حاكمة ومربية:
حرصت شريعة القرآن على تربية النفوس أكثر من حرصها على تأديب العصاة.
وقد ربَّت المسلم على أخلاق من شأنها أن تدفع الجريمة عن المجتمع وتمنع
وقوعها.
ويمكن إيجاز ذلك في كلمات.
ربَّى الإسلام المسلم على الإيمان بأن قضية الرزق وقضية الأجل مرتبطان. فمن استنفذ رزقه فقد استنفذ أجله.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ".
(ابن ماجة: ٢١٣٥)
فالأجل محدود لا تستطيع كل الدنيا زيادته، والرزق كذلك وما دام الأمرُ مقدوراً فهذا يكفى لمنع المسلم من الجرائم الكبيرة. يكفى لمنعه من القتل، لأن العمر مقدور. فالقتل حماقة
يا من تدبر في الليالى مصرعا | هل أنت ربٌّ تقطعُ الآجالَ |