وهذه الآية الكريمة هى الأصل في كل الأحكام الشرعية التي يختلف فيها إنسان عن آخر سوء بالحرية والرق أو بالذكورة والأنوثة أو باختلاف المناصب والأديان وقد وقف النبي - ﷺ - لجنازة.
فقيل إنها جنازة يهودي!
قال أوليست نفساً؟ (رواه البخاري)
وقد اخترت مثالاً واحداً من أمثلة الشريعة الغراء لإثبات هذا الأمر.
هذا المثال هو الدية في القتل الخطأ.
لأن كثير من القوانين الأرضية حتى اليوم تفرق بين الناس في قيمة التعويض الذي يصرف لأصحاب الوظائف الكبيرة والتعويض الذي يصرف للعمال والفقراء بينما حاجة الأسر الفقيرة عندما يصاب عائلها أشد من حاجة الأغنياء غالباً.
أما شريعة القرآن فقد ساوت بين كل الناس الغنى والفقير، الرجل والمرأة، المسلم والكتابى لاستوائهم جميعاً في البشرية وفى حرمة الدم (١).
(د) التدرج في التشريع:
عرفنا أن شريعة القرآن حاكمة ومربية لذلك نهجت منهج التدرج في التشريع وهذا التدرج هو سر نجاحها في تربية الأمة.
وقد لاحظنا أن التدرج قد شمل تشريعات كثيرة فالصلاة فرضت مثنى مثنى فزيدة في الحضر وبقيت في السفر كما أخبرتنا السيدة عائشة - رضى الله عنها -.
والصوم بدأت مشروعيته بصوم أيام معدودات ثم شرع صوم رمضان بعد ذلك، وفى مجال الإنفاق شرعت الصدقة ثم فرضت الزكاة بعد أن تعودت النفوس على العناء
- - - - - - - - - -
(١) الرأي الذي اخترته في مساوات المسلم بالكتابى في القصاص والدية هو رأى أبي حنيفة - رحمه الله - وقد علل له الشيخ محمد أبو زهرة - عليه رحماتُ الله - بقوله: لأن دم غير المسلم كدم المسلم لأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا فنحن ملزمون في التعويض بمثل ما نلزم به في قتلانا


الصفحة التالية
Icon