فقد كان لهزيمة الروم على يد الفرس وقعٌ أليم على نفوس المسلمين في مكة وفرح المشركون لنصر الفرس وفى وسط هذه المشاعر نزل قوله تعالى: (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
(غُلِبَتِ الرُّومُ) بالبناء للمجهول ولم يقل: غلبت الفرس الروم والدارس لتاريخ الرومان في هذه الفترة يدرك أن عوامل الهزيمة كانت من داخل قصور الروم ولم تكن من بطولات الفرس.
(وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ)
وعد بالنصر لم تكن ملوك الروم تحلم به. ولم يكن لدى النبي - ﷺ - سفارة تنقل الأخبار، وأجهزة عسكرية تحسب التوقعات.
وأكثر من مجرد الإخبار بالنصر أن القرآن حدد المدة من ثلاثة إلى تسعة أعوام حتى إن أبا بكر - رضي الله عنه - راهن أحد المشركين على صدق هذا الوعد ثقة في الله سبحانه - وأكثر من هذا قوله تعالى: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ)
هذه وحدها معجزة فقد ذكر صاحب (الإسلام يتحدى) أنه في اليوم الذي وصلت فيه الأخبار إلى المدينة حاملة بشارات نصر الروم كان المسلمون في عناق بسبب انتصارهم في بدر: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ).
إنَّ القرآن إذا تحدث عن المستقبل صدقته الليالى والأيام.
...
هذه الآيات اشتهرت بين الدارسين في موضوع غيب القرآن وسوف أحاول أن أقدم نموذجاً لغيب القرآن في آية في سورة الأحزاب أتمم به الموضوع.
خاتم النبيين:
كانت بعثة محمد - ﷺ - هى الكلمة الأخيرة للسماء فقد تمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً ببعثته.
تمت كلمة ربك إلى كل الدنيا (صدقا) لأن كل الأدلة العقلية أثبتت نزول القرآن من عند الله