والوعيد الثانى في قوله - سبحانه: (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)
واستعمل القرآن كلمة البشرى هنا، سخرية به.
ويجوز أن يكون القرآن قد استعمل كلمة البشرى، في معناها الأصلى، وهو كل خبر يظهر أثره على بشرة الوجه سواء كان خيراً أم شرًّا ثم كثر استعمالها في الأخبار السارة، ومنه قوله تعالى: (قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ)
فالنضر بن الحارث، أجرم في حق الإسلام، فنزل وعيد بشأنه وعلم مصيره إلى الأبد.
عقبة بن أبي معيط:
أما عقبة بن معيط، فرجل إمعة. ضعيف الشخصية. سريع التقلب. أقام وليمة في بيته، ودعا إليها الناس. ودعى النبي - ﷺ - إلى وليمته. وقدم الطعام وجلس النبي - ﷺ - أمام الطعام، ثم قال لعقبة لا آكل طعامك حتى تشهد بأني نبيٌّ. وشهد (عقبة) شهادة الحق. فأكل النبي - ﷺ - وكاد الأمر أن يمر بسلام. لولا أن (أبي بن خلف) كان صديقا لعقبة وقد تخلف عن المأدبة لسفره.
فلما علم بإسلام عقبة غضب وأقسم باللات والعزى لا يدخل بيت عقبة بن معيط، حتى يرتد عن الإسلام، وسارع عقبة إلى الردة لإرضاء صاحبه.
وحزن النبي لكفره بعد الإسلام. فأنزل سبحانه وعيد في شأن (عقبة) قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا)
لقد حدد القرآن مصير (عقبة بن معيط) في الآخرة فهو يعض على يديه ندامة. ولكن الندم في الآخرة لا يفيد.