وهذا هو رأى المحققين من العلماء الذين لم تُفقدهم النظرية المادية توازنهم العلمي.
وقد أعلن هذا الرأي من قبل الفيلسوف الفرنسى (برجسون) الذي كان من أوائل الذين تصدوا لدحض مادة الفكر عن طريق العمل والتجربة لا عن طريق الفلسفة التجريبية فقد راح خلال عشرين عام يلاحظ المصابين (بالأفزيا) أي مرض فقد الذاكرة والكلام فخرج من ملاحظاته بالحقائق القاطعة بأن العقل لا يمكن أن يكون عملية مادية على أي وجه من الوجوه وفى ذلك يقول يتفق حيث يكون الفساد الدماغي خطير وحيث تكون الذاكرة اللفظية مصابة إصابة بليغة أحيانا، أن ترجع الذاكرة فجأة وذلك على أثر تنبيه قوى بعض الشيء كالانفعال مثلا فهل يمكن أن يحدث ذلك لو كانت الذاكرة موضوعة في المادة الدماغية التي فسدت أو تلفت (الواقع أن الأمور تجري كما لو كان الدماغ يفيد من التذكير لا للاحتفاظ بها).
على أن القول بأن التفكير لون من ألوان تفاعل المادة على صورة من الصور فهذا ما أثبت العلم التجريبي فساده وبطلانه حتى أصبح القول بمادية الفكر أو بأن العقل هو المخ من مظاهر الجهل والسوقية العلمية ذلك لأن كل تفاعل في المادة معناه حدوث تغير في طاقتها بالنقص أو الزيادة وقد أصبح للعلماء أجهزة دقيقة وحساسة إلى الحد الذي يجعلها قادرة على تسجيل حركه إلكترون واحد وقد أمكن أن يسجلوا بهذه الآلات التغيرات التي تطرأ على المخ عندما يقوم الإنسان بأى حركة مادية كتحريك أصبع أو ثنى ورقة كما سجلت هذه الآلات التغير الذي يطرأ على المخ عند حصول أي انفعال يطرأ على الإنسان الأمر الذي أثبت بطريقة جازمة أن جميع حركات الإنسان وانفعالاته هى تفاعلات مادية فعلا ولكنهم عندما حاولوا أن يقيسوا النشاط الفكري بنفس الأسلوب لم تسجل الآيات أي شيء الأمر الذي جعل الكثير من العلماء ينبذون الرأي القائل بأن المخ هو العقل


الصفحة التالية
Icon