قال رحمه الله: (.. فالجبال لكثرتها كأنها جامدة في رأي العين، وهى تسير سير السحاب وكل الجيش غص الفضاء به لكثرته، وبعد ما بين أطرافه، فقصر عنه البصر، فكأنه في حساب الناظر واقف، وهو يسير.)
فانظر إلى سبق ابن قتيبة لعلماء الدنيا بهذا الرأى.
إنَّ سير الجبال في الدنيا بحكم دوران الأرض، حقيقة علمية، ونحن لا نرى مانعا من الاستئناس بالحقائق العالمية في فهم القرآن كما قلنا وقد جاء ذكرها في سورة النمل، وهى سورة العجائب.
مصائر الناس
بعد أن بينت السورة الكريمة ملامح الانقلاب العظيم الذي سيغير كل شيء في الكون، بدأت السورة بعد ذلك بيان مصائر الناس.
ويبدأ بقوله تعالى: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)
قسمت السورة الكريمة الناس إلى أقسام ثلاثة:
وهم: السابقون وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال.
قسمت المؤمنين منهم إلى قسمين، وجعلت الكافرين قسما واحدا.
أما سورة فاطر فقد قسمت الناس إلى أربع درجات ثلاثة للمؤمنين، وواحدة للكفار.
قال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)
والأصناف الثلاثة قد وسعتهم رحمة الله وهم في الجنة، مع تفاوت ما بين درجاتهم، لاستوائهم في الإيمان وميراث الكتاب، قال تعالى: