الدنيا لا تعرف زجاجا من فضة فإن القرآن قد أَكَّدَ وجود هذا النوع من الزجاج في الجنة، فقال تعالى: (مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا)
ثم ما يقول بعدها مؤكدا: (قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ)
ثم يزيد في التوكيد، فيذكر حالتهم النفسية عند رؤيتهم هذه القوارير فيقول: (قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا) لأنهم لم يروا مثلها في الحياة الدنيا.
وفي الجنة يستوي الذهب والفضة، لأن ارتفاع قيمة الذهب في الدنيا سببه الندرة النسبية، أما هناك، فكل شيء مباح، وكل شيء موفور، هذه هي الأواني، فماذا في داخلها؟..
سورة الواقعة قالت إنَّ شرابها لا يصدعون عنه أي لا يتفرقون عنه لنفاده من قول العرب: تصدع البناء أي تفرقت أجزاءه.
ولا تنزف دماؤهم، ولا أموالهم بسببه: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ) (مِنْ مَعِينٍ)
أي من عين تجري. وسورة محمد أخبرت بأنها أنهار جارية.
قال تعالى: (وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ)
أما سورة الإنسان فتذكر المواد التي ركب منها هذا الشراب: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا)
وشراب آخر ممزوج بالزنجبيل: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا)
وشراب من رحيق خالص، معبأ ومختوم، ختامه المسك: (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ)
أما سورة الطور فتصور واقعهم من السعادة والمداعبة عند الشرب، فهم يتنازعون الكأس الواحدة يرفعها أحدهم إلى فمه، فيأخذها أخوه منه: (يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ)
شرابها أبيض.. وهو اللذة ذاتها..
هذا ما تضيفه سورة الصافات: (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ)
ثم تضيف سورة الصافات أن هذا الشراب