فكيف إذا كان الإصرار على الشرك وهو الخيانة العظمى التي لا تغفر ولا ينفع معه طاعة.
إنَّ جزاء المعصية بمثلها وكان مقتضى ذلك أن يعذبهم الله على قدر عمرهم الذي أشركوا فيه. ولكن إصرارهم على الشرك، وعزمهم على البقاء فيه، مهما امتدت أعمارهم، هو سبب خلودهم في الجحيم.
قال تعالى: (وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ)
وقد أطلق القرآن على الشرك اسم (الحِنْث)
لأنه نقض لعهد الله على الفطرة الإنسانية.
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي)
هذا العهد الذي صرح به القرآن في قوله تعالى:
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)
وهذا العهد سيبقى في ضمائر الموحدين إلى أن نلقى الله.
وكانوا يقولون: (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)
منذ عهد نوح عليه السلام وقضية الإيمان بالبعث هى العقبة أمام العقول الصغيرة التي لا ترقى إلى إدراك قدرة الله.
فقد أثارها العقل القديم في عهد نوح - عليه السلام -.
قال تعالى: (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)
ويمتد هذا المنطق إلى كل جاهلية في أي عصر. ليؤكد أن ملاحدة اليوم يعيشون على فتات موائد الإلحاد القديم.
وإن اختلف الثوب الذي يظهر فيه هذا الضلال.