وكما هو معروف إن الطاغية هيلا سلاسي كان من أكبر الحاقدين على الإسلام وأهله، يخطط دائما للقضاء عليه، ولكن بطريقة مدروسة دقيقة وغير معلنة، بخلاف أسلافه الذين يعلنون الحرب ويقومون بالمجازر ضد المسلمين لاستئصالهم من البلاد. أما هو فبعد أن تمكن من إضعاف التعليم الإسلامي في مساجدها ومدارسها الخاصة فكَّر في تجفيف منابعها، وذلك بمنع دخول الكتب والمراجع الإسلامية إلى البلاد، ولكنه شعر بصعوبة ذلك بالنسبة لمنع القرآن الكريم مباشرة خشية إثارة حفيظة المسلمين ضده، فاحتال وتظاهر أنه يحسن إليهم من حيث لا يشعرون. فأصدر أمره بترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة البلد، وكلف لذلك بعض العلماء الكبار والمثقفين وعلى رأسهم الشيخ محمد ثاني حبيب -رحمه الله- فترجموا ترجمة مقتضبة بدون أي توضيح وتعليق تحت مراقبة مسؤول خاص للملك من النصارى الحاقدين اسمه د. مناسي هايلي.
ومن جراء هذه المضايقات الآثمة على القائمين بالترجمة، جاءت النتيجة من الترجمة سلبية جدا تشكك بالإسلام وقداسة مصدره الأول، واستغرب المسلمون أن تكون هذه الترجمة لمعاني كتاب الله تعالى، وأذكر هنا نموذجا لهذا الاستنكار لأحد العلماء الكبار وهو الشيخ بشرى الكريم في منطقة "وللو" لما طلب منه إبداء الملاحظات تجاهها قال -رحمه الله-: "أنا لا أرى في الحقل زرعا صالحا حتى أنتزع منه الأدغال" فسارت كلمته هذه مثلا، فأحدثت الترجمة بلبلة في أفكار المسلمين واتهاما للقائمين بها بالتآمر مع الأعداء في إفساد دينهم، ولكن هذا الاتهام للعلماء القائمين بها ليس واقعيا.
وعلى أي حال طبعت الترجمة ونشرت خالية من النصوص القرآنية؛ لتنوب هذه الترجمة البتراء مناب القرآن الكريم ثم يتم تدريجيا إبعاده من البلاد نهائياً بحجة أنه يفرق بين أبناء الوطن.


الصفحة التالية
Icon