ومن الأمور المؤثرة هي أن القرآن الكريم كتاب واحد نزل بلغة واحدة، ولما تكفل الله - عز وجل - بحفظ القرآن، حفظ بذلك اللغة التي نزل بها القرآن، وعاشت بهذا الحفظ اللغة العربية أكثر بكثير من أي لغة أخرى، ولكن ما يُعرف بالإنجيل (Bible) في النصرانية ليس كتاباً واحداً ولم ينزل بلغة واحدة، بل هو عدة كتب بلغات مختلفة، وهي:
أ العهد القديم (Old Testament) وهو مجموع من ٣٩ كتاباً تكون كتب اليهود المقدسة، وهو التوراة وكتبيم ونبوئيم، مكتوبة في غالبها بالعبرية مع بعض أجزاء كتبت بالآرامية.
ب العهد الجديد (New Testament) وهو مجموع من ٢٧ كتاباً كتبت أول ما كتبت باليونانية بين عامي ٥٠ و١٠٠ ميلادية(١).
وانعكس حفظ اللغة العربية وموت لغات الإنجيل على مدى تطور نظرية الترجمة، فالقرآن الكريم باق بحفظ الله تعالى له ولم نحتج لنقله للغات أخرى للمحافظة على بقائه، كما في الإنجيل الذي ما كان ليبقى وليفهمه الناس لولا انتقاله من وسيلة اتصال لغوية إلى وسيلة اتصال لغوية أخرى، فلولا الترجمة لاندثر الإنجيل ولما تعبد أناس به عبر العصور، وهذا لا ريب ينعكس على أهمية الترجمة وحيويتها بالنسبة للدين النصراني، إذ هو أصل الدين عندهم، أما بالنسبة للإسلام فالترجمة ليست حيوية بالقدر نفسه إذ يقصد بها الدعوة وتبليغ الرسالة في المقام الأول.