ومما أثر في واقع ترجمة معاني القرآن الكريم هو أن القرآن الكريم حمّال ذو وجوه، يحتمل التأويل، لذا نجد كل فرقة تُؤوّل القرآن الكريم بحسب معتقدها، وتعددت بذلك التفاسير، وأيضاً الترجمات، التي هي في أصلها تفاسير باللغات غير العربية، بتعدد هذه التأويلات، وبذلك تشعبت الجهود وتشتت ولم تجتمع الأمة على ترجمة واحدة بأي لغة كانت كما أنها لم تجتمع على تفسير واحد، فالترجمة هي صنو التفسير ونظيره، ولا أرى أنها ستجتمع لأن الاختلاف في أصله اختلاف عقدي، ولهذا الاختلاف انعكاساته على عدم اتحاد الجهود والقدرات والخبرات في سبيل الرقي بواقع ترجمة معاني القرآن الكريم.
الخاتمة
من خلال استعراض عددٍ من جوانب واقع ترجمة كل من الكتابين وسَوق نتائج مقارنة كل جانب من هذه الجوانب بعد المقارنة مباشرة، ونحن إذ لا نقلل من أهمية تأثير طبيعة كل من الكتابين وانعكاسها على تاريخ وواقع الترجمة، لنؤكد على أن الواقع اليوم بما يحمله من صراعات فكرية كبيرة يُحتم إعادة النظر في استشعار أهمية ترجمة النصوص الإسلامية عموماً وترجمة مصدر التشريع الإسلامي الأول، القرآن الكريم، بخاصة.
ومن هذا المنطلق فالحاجة ماسة إلى تعزيز الدراسات والبحوث في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم، والنهوض بنظرية الترجمة في هذا المجال وتطبيقها واقعاً في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم وأن توجَّه الطاقات العلمية لإفادة المترجم، بدلاً من أن تبقى الأعمال العلمية في هذا المجال، على قلتها، حبيسة الأروقة الأكاديمية.
وأن يكون الهدف الأسمى للبحث في هذا المجال الوصول إلى ترجمات أفضل لمعاني القرآن الكريم، فالمترجم وحده لا يستطيع القيام بذلك، فالممارسة المفتقرة إلى النظرية لا ترقى لأن تكون هي الممارسة المثلى.