ص : ٢٠١
إليه ولا نستقبله فأنزل قوله تعالى : وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ.
قال الفخر الرازي : هذا القول هو الأقوى.
قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ دعاء عليهم بدوام الغيظ وزيادته بازدياد قوة الإسلام ونصرة أهله حتى يهلكوا به إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي بما خفي فيها.
وهو يحتمل أن يكون من تتمة المقول لهم. أي قل لهم : إن اللّه عليم بما هو أخفى من عض الأنامل إذا خلوتم، فيجازي به.
ويحتمل أن يكون خارجا عن المقول لهم : أي قل لهم ما تقدم، ولا تتعجب من اطلاعي إياك على أسرارهم، فإني عليم بما خفي في ضمائرهم.
إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها المسّ هنا والإصابة بمعنى واحد والمراد بالحسنة هنا النفع الدنيوي : كالصحة، والخصب، والألفة، واجتماع الكلمة، والظفر بالأعداء. والمراد بالسيئة : المحنة كإصابة العدو من المسلمين واختلاف الكلمة فيما بينهم.
وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً الكيد هو أن يحتال الإنسان ليوقع غيره في مكروه، وفسره ابن عباس هنا بالعداوة.
والمعنى : أن من صبر على الطاعة واتّقى ما نهى اللّه عنه كان في حفظ اللّه، فلا يضره كيد الكائدين، ولا حيل المحتالين، وتحقيق ذلك أنّ اللّه سبحانه وتعالى إنما خلق الخلق للعبادة كما قال : وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) [الذاريات : ٥٦] فمن وفّى بعهده العبودية في ذلك فاللّه أكرم من أن لا يفي بعهد الربوبية في حفظه من كل مكروه : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق : ٢، ٣].
إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ إطلاق لفظ محيط على اللّه تعالى مجاز، لأن الإحاطة بالشيء من صفات الأجسام، لكنه تعالى لما كان عالما بكل الأشياء، قادرا على كل الممكنات جاز في مجاز اللغة أنّه محيط بها.
والمراد أن جميع أعمالهم معلومة للّه تعالى، وسيجازيهم عليها.
قال اللّه تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠).
المراد من أكل الربا أخذه، وعبّر به لما أنّه معظم ما يقصد به، ولشيوعه في المأكولات، والأضعاف جمع ضعف، وضعف الشيء مثله معه، وضعفاه مثلاه معه. فإذا قيل : ضعف العشرة لزم أن تجعلها عشرين، لأنّ العشرين أول مراتب تضعيفها. ولو قال :