ص : ٣٦٦
٢ - وجوب أداء الشهادات على وجهها من غير محاباة ولا ظلم.
٣ - وجوب العدل في معاملة الأعداء والأحباب.
٤ - وجوب تقوى اللّه على الوجه العام.
قال اللّه تعالى : إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)
نص اللّه تعالى في الآية السابقة على تغليظ الإثم في قتل النفس بغير قتل نفس ولا فساد في الأرض حيث قال : فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وبيّن في هذه الآية أنّ الفساد الذي يوجب القتل ما هو؟ فإن بعض ما يكون فسادا في الأرض لا يوجب القتل كشهادة الزور والسرقات وهتك الأعراض من غير المحصن، فقال : إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ إلخ.
نزلت هذه الآية في قطّاع الطريق لا في المشركين ولا في المرتدين، فإنّ كلّا منهما إذا تاب قبلت توبته، سواء أكانت التوبة قبل القدرة عليهم أم بعدها، أمّا قطّاع الطريق فيسقط عنهم الحد إذا تابوا قبل القدرة عليهم، ولا يسقط عنهم إذا تابوا بعد القدرة عليهم.
قيل : نزلت في قوم هلال بن عويمر الأسلمي، وكان بينه وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عهد على أنه لا يعينه ولا يعين عليه، وأنه إن أتاه أحد من المسلمين أو مرّ عليه من يقصد النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يتعرض له بسوء، فمر قوم من بني كنانة يريدون الإسلام بقوم من بني هلال، وكان هلال غائبا، فقطعوا عليهم الطريق، وقتلوا منهم، وأخذوا أموالهم.
وقيل : نزلت في قوم من أهل الكتاب بينهم وبين رسول اللّه عهد، فنقضوا العهد، وقطعوا الطريق على المسلمين. وعلى كلّ فقوله : يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً يتناول كلّ من اتصف بهذه الصفة سواء أكان كافرا أم مسلما، غاية الأمر أن يقال : إنّ الآية نزلت في الكفار، ولكنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ومحاربة الناس للّه على وجه الحقيقة غير ممكنة، لتنزهه عن أن يكون من الجواهر والأجسام التي تقاتل أو تقاتل، ولأنّ المحاربة تستلزم أن يكون كلّ من المتحاربين في جهة ومكان، واللّه منزّه عن ذلك، فيكون مجازا، إما من المخالفة والإغضاب مع التلبس بحالة تشبه حالة المحاربين، فإنّ قطّاع الطريق يخرجون ممتنعين مجاهرين بإظهار السلاح وقطع الطريق، أو المعنى يحاربون أولياء اللّه