ص : ٣٧٤
العبد إذا سرق من مال سيده، ولا الأب من مال ابنه، وما أشبه ذلك لوجود الشبهة، ولا قطع معها.
وتثبت السرقة بالإقرار مرّة، وبشهادة رجلين على السرقة للقطع، فإن شهد رجل وامرأتان على السرقة لا تقبل للقطع، ولكنّها تقبل لضمان المسروق، وهذا مذهب الحنفية والمالكية الشافعية.
وإطلاق السارق يشمل الأحرار والعبيد، والذكور والإناث، والمسلمين والذميين.
وفي قوله : فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما مقابلة الجمع بالجمع، وهي تقتضي القسمة آحادا، فيدلّ التركيب على أنّ كل سارق تقطع منه يد واحدة، واليد التي تقطع هي اليمنى للإجماع على ذلك، ولقراءة عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه (فاقطعوا أيمانهما).
واليد تطلق على العضو المخصوص إلى المنكب، وعلى هذا العضو إلى مفصل الكف، كما في قوله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام : وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ [النمل : ١٢] والمراد ما كان إلى مفصل الكفّ، ولا خلاف بين السلف من الصدر الأول، ولا بين فقهاء الأمصار في أنّ قطع يد السارق يكون إلى مفصل الكفّ لا إلى المرفق ولا إلى المنكب، وقال الخوارج، تقطع إلى المنكب، وقال قوم : تقطع الأصابع فقط.
حجة الجمهور ما
رواه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة رضي اللّه عنهم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قطع يد السارق من الرسغ
، وما
روي عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما أنهما كانا يقطعان يد السارق من مفصل الرّسغ
، فكان هو المعوّل عليه.
وإذا عاد السارق إلى السرقة ثانيا قطعت رجله اليسرى باتفاق الحنفية والمالكية والشافعية لما
رواه ابن عباس عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قطع الرجل بعد اليد.
ولما
روي عن علي وعمر أن كلا منهما كان يقطع يد السارق اليمنى، ولما عاد السارق إلى السرقة قطع كل منهما رجله اليسرى
، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، ولم ينكر على كل منهما أحد، فكان إجماعا.
ولما
رواه الدار قطني من أنه عليه الصلاة والسلام قال :«إذا سرق السارق فاقطعوا يده، ثم إن عاد فاقطعوا رجله» «١».