ص : ٣٨٦
واللغو من القول الساقط الذي لا يعتدّ به، وهو في اليمين الذي لا يتعلق به حكم.
وقد اختلف السلف في تعيينه شرعا،
فعن عائشة أنها قالت : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«هو كلام الرجل في بيته، لا واللّه، وبلى اللّه» «١».
وروي عنها أنّها قالت : لغو اليمين لا واللّه، بلى واللّه «٢».
روي عن ابن عباس في لغو اليمين أن يحلف على الأمر أنه كذلك.
وروي عنه أنه قال : لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان.
وذهب بعض العلماء إلى أن اللغو في اليمين هو الغلط من غير قصد بسبق اللسان.
ويرى بعضهم أنّ اللغو أن تحلف على المعصية تفعلها، فينبغي ألا تفعلها، ولا كفارة فيه، واستدل له
بحديث عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال :«من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها. فليتركها، فإنّ تركها كفارة» «٣».
واختلف فقهاء الأمصار فيها أيضا فذهب الحنفية إلى أن اللغو هو : الحلف على شيء مضى وأغلب ظنه الصدق. وحكى الجصاص أنّ ذلك مذهب مالك والليث والأوزاعي.
ونقل عن الربيع عن الشافعي أنّ من حلف على شيء أنّه وقع وهو يظنه كذلك فعليه كفارة، وكأن الشافعي رضي اللّه عنه لا يرى اليمين في مثل هذا المثال لغوا، بل يراها يمينا معقودة.
وقد تقدم الكلام في سورة البقرة في بيان مذاهب الفقهاء في اليمين اللغو والغموس والمنعقدة، وهي أيضا معروفة في الفقه، وكذلك أحكامها، حيث يجعل الحنفية الأقسام الثلاثة متباينة في الحكم، فاللغو لا شيء فيه، وكذلك يقول جميع الفقهاء.
إنما الكلام عندهم فيما هو حكم اللغو والغموس :
يرى الحنفية أن جزاء الغموس الغمس في جهنم، وأنّها لا تكفر. والشافعية يقولون : إنّ الغموس تكفّر، لأنّ اللّه يقول : ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم، ومن تعمّد الكذب في يمينه فقد كسب بقلبه إثما، وهو مؤاخذ به، لأنّه عقد قلبه على الكذب في اليمين، وقد قال اللّه فَكَفَّارَتُهُ إلخ.
والحنفية يقولون : إنّ اليمين الغموس هي المذكورة في قوله : وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة : ٢٢٥]
(٢) المرجع نفسه (٢/ ٢٤٠ - ٢٤١).
(٣) رواه أحمد في المسند (٢/ ١٨٥).