ص : ٤٦٠
سهم الفقراء والمساكين، لأن ذلك إنما جعل للحاجة، ولا حاجة بهم مع وجود النفقة لهم، ولأنه بالدفع إليهم يجلب إلى نفسه نفعا، وهو منع وجوب النفقة عليه.
ولا يجوز دفعها إلى هاشمي باتفاق الأئمة، لما
رواه مسلم «١» عن المطلب بن ربيعة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«إنّ هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد».
وقال الشافعي : لا يجوز دفعها إلى مطلبي أيضا لما
رواه البخاري في «صحيحه» «٢» عن جبير بن مطعم أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«إنّ بني هاشم وبني المطلب شيء واحد وشبّك بين أصابعه»
ولأنه حكم واحد يتعلق بذوي القربى، فاستوى فيه الهاشمي والمطلبي كاستحقاق الخمس.
هذا وقد اختلف الفقهاء في مقدار ما يعطى للفقير والمسكين، فقال الشافعي : يجوز أن يدفع إلى كل منهما ما تزول به حاجته، ولا يزاد على ذلك، سواء صار بذلك مالكا للنصاب أم لا.
وكره أبو حنيفة «٣» أن يعطى إنسان من الزكاة مئتي درهم، وأي مقدار أعطيه أجزأ، وأبو يوسف يمنع ما زاد على النصاب.
وأما مالك رضي اللّه عنه فإنه يرد الأمر فيه إلى الاجتهاد.
وقال الثوري : لا يعطى من الزكاة أكثر من خمسين درهما إلا أن يكون غارما.
يرى الشافعي أن اللّه تعالى أثبت الصدقات لهؤلاء الأصناف دفعا لحاجتهم، وتحصيلا لمصلحتهم، فالمقصود من دفع الزكاة سد الخلة، ودفع الحاجة، فيعطى الفقير والمسكين ما يسد خلته، ويدفع حاجته.
ويرى أبو حنيفة ومالك أن الآية ليس فيها تحديد مقدار ما يعطى كل واحد منهم، وقد علمنا أنه لم يرد بها تفريق الصدقة على الفقراء على عدد الرؤوس لامتناع ذلك وتعذره، فثبت أنّ المراد دفعها، إلى بعض أيّ بعض كان. ومعلوم أنّ كل واحد من أرباب الأموال مخاطب بذلك، فاقتضى ذلك جواز دفع كل واحد منهم جميع صدقته إلى فقير واحد، قلّ المدفوع أو كثر، فثبت بظاهر الآية جواز دفع المال الكثير إلى واحد من الفقراء من غير تحديد للمقدار، وإنما كره أبو حنيفة أن يعطى إنسان مائتي

(١) رواه مسلم في الصحيح (٢/ ٧٥٢)، ١٢ - كتاب الزكاة، ٥١ - باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة حديث رقم (١٦٧/ ١٠٧٢).
(٢) رواه البخاري في الصحيح (٤/ ٦٨)، ٥٧ - كتاب الخمس، ١٧ - باب ومن الدليل على أنّ الخمس حديث رقم (٣١٤٠).
(٣) انظر الهداية شرح بداية المبتدي للمرغيناني (١ - ٢/ ١٢٣).


الصفحة التالية
Icon