ص : ٤٦٣
الصنف الرابع : المؤلفة قلوبهم قال العلماء : المؤلفة قلوبهم ضربان : مسلمون وكفار، فأما الكفار فقد كانوا يتألفون لاستمالة قلوبهم إلى الدخول في الإسلام، ولكف أذيتهم عن المسلمين، وقد ثبت أنّ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أعطى قوما من الكفار يتألف قلوبهم ليسلموا
. ففي «صحيح مسلم» «١»
أنه أعطى صفوان بن أمية من غنائم حنين
، وصفوان يومئذ كافر.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما قسّم من غنائم حنين للمتألفين من قريش وفي سائر العرب وجد هذا الحيّ من الأنصار في أنفسهم، وأنّه قال لهم :
«أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قواما ليسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم اللّه لكم من الإسلام» «٢».
واختلف العلماء في إعطاء الكفار من سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة، فروي عن الحسن وأبي ثور وأحمد أنهم يعطون، وهو قول عند المالكية.
وذهب الحنفية والشافعية وأكثر العلماء : إلى أن إعطاءهم إنما كان في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في أول الإسلام في حال قلة عدد المسلمين، وكثرة عدوهم، وقد أعزّ اللّه الإسلام وأهله، واستغنى بهم عن تألف الكفار، ولذلك فإنّ الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يعطوهم، وقال عمر رضي اللّه عنه : إنا لا نعطي على الإسلام شيئا، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
وأجابوا عن الحديث بأن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أعطاهم من خمس الخمس وكان ملكا له خالصا يفعل فيه ما يشاء، أما الزكاة فلا حق فيها للكفار.
وأما المسلمون من المؤلفة قلوبهم فهم أصناف : صنف لهم شرف في قومهم يطلب بتألفهم إسلام نظائرهم. وصنف أسلموا ونيتهم في الإسلام ضعيفة، فيتألفون لتقوى نيتهم ويثبتوا.
ففي «صحيح مسلم» «٣»
أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أعطى أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن لكل واحد منهم مئة من الإبل، وأعطى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الزبرقان بن بدر وعدي بن حاتم أيضا لشرفهما في قومهما.
وصنف ثالث : وهم قوم يليهم جماعة من الكفار إن أعطوا قاتلوهم.
وصنف رابع : وهم قوم يليهم قوم من أهل الزكاة إن أعطوا جبوها منهم. وقد ثبت أن أبا بكر أعطى عدي بن حاتم حين قدم عليه بزكاته وزكاة قومه عام الردة.
(٢) رواه مسلم في الصحيح (٢/ ٧٣٣)، ١٢ - كتاب الزكاة، ٤٦ - باب المؤلفة قلوبهم حديث رقم (١٣٧/ ١٠٦١).
(٣) سبق تخريجه.