ص : ٤٦٦ ولكن الحنفية يخصصون الغريم بمن لا يملك نصابا فاضلا عن دينه «١»، وحجتهم في ذلك
قوله صلّى اللّه عليه وسلّم :«و أردها في فقرائكم»
فإنّ هذا يدل على أنّ الصدقة لا تعطى إلا للفقراء.
وقال الشافعية : إن استدان لنفسه لم يعط إلا مع الفقر، وإن استدان لإصلاح ذات البين أعطي من سهم الغارمين، ولو كان غنيا، لما
روى أبو داود «٢» عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال :«لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز في سبيل اللّه، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل له جار مسكين، فتصدّق على المسكين، فأهدى المسكين إليه».
وقال قوم : إذا كان الغريم قد استدان في معصية فإنه لا يدخل في عموم الآية، لأن المقصود من صرف المال المذكور في الآية الإعانة، والمعصية لا تستوجب الإعانة، ومثل هذا لا يؤمن إذا أدّي عنه دينه أن يستدين غيره، فيصرفه في الفساد.
الصنف السابع : ما أشار اللّه إليه بقوله : وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قال أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم اللّه : يصرف سهم سبيل اللّه المذكور في الآية الكريمة إلى الغزاة الذين لا حقّ لهم في الديوان، وهم الغزاة إذا نشطوا غزوا.
وقال أحمد رحمه اللّه في أصح الروايتين عنه : يجوز صرفه إلى مريد الحج.
وروي مثله عن ابن عمر.
وحجة الأئمة الثلاثة المفهوم في الاستعمال المتبادر إلى الأفهام أن سبيل اللّه تعالى هو الغزو، وأكثر ما جاء في القرآن الكريم كذلك، وأن حديث أبي سعيد السابق في صنف الغارمين يدل على ذلك، فإنه ذكر ممن تحل له الصدقة الغازي، وليس في الأصناف الثمانية من يعطى باسم الغزاة إلا الذين نعطيهم من سهم سبيل اللّه تعالى.
واستدل لما
روى عن أحمد بحديث أبي داود «٣» عن ابن عباس أن رجلا قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة اللّه، وإنها سألتني الحج معك.
قالت : أحجّني مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
فقلت : ما عندي ما أحجك عليه.
قالت : أحجني على جملك فلان.
فقلت : ذلك حبيسي في سبيل اللّه.
فقال :«أما إنّك لو أحججتها عليه كان في سبيل اللّه».
(٢) رواه أبو داود في السنن (٢/ ٣٨)، كتاب الزكاة، باب من يجوز له أخذ الصدقة حديث رقم (١٦٣٥).
(٣) رواه أبو داود في السنن (٢/ ١٥٨)، كتاب المناسك، باب العمرة حديث رقم (١٩٩٠).