ص : ٤٧٣
قولنا :«عزّ وجلّ» مخصوص باللّه تعالى، وكما لا يقال : محمد عزّ وجلّ، وإن كان عزيزا جليلا، ولا يقال : أبو بكر صلّى اللّه عليه وسلّم أو علي صلّى اللّه عليه وسلّم، وإن صح المعنى.
قالوا : وإنما أحدث الصلاة على غير الأنبياء مبتدعو الرافضة في بعض الأئمة، والتشبه بأهل البدع منهيّ عنه.
ولا خلاف أنه يجوز أن يجعل غير الأنبياء تبعا لهم، فيقال : اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وأتباعه، لأنّ السلف استعملوه، وأمرنا به في التشهد ولأن الصلاة على التابع تعظيم للمتبوع. قالوا : والسلام في حكم الصلاة، لأنّ اللّه تعالى قرن بينهما، فلا يفرد به غائب غير الأنبياء.
وأما استحبابه في مخاطبة الأحياء تحية لهم، وفي تحية الأموات، فهو أمر معروف وردت به السنة الصحيحة.
هذا وقد قال الشافعي : وبأي لفظ دعا جاز، وأحبّ أن يقول : آجرك اللّه فيما أعطيت، وجعله لك طهورا، وبارك لك فيما أبقيت.
واحتج مانعو الزكاة في زمان أبي بكر رضي اللّه عنه بهذه الآية، فقالوا : إنه تعالى أمر رسوله بأخذ الصدقات، ثم أمره بأن يصلّي عليهم، وذكر أن صلاته سكن لهم، فكان وجوب الزكاة مشروطا بحصول ذلك السكن، ومعلوم أنّ غير الرسول لا يقوم مقامه في حصول ذلك السكن، فلا يجب دفع الزكاة إلى أحد غير الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهذه شبهة ضعيفة، فإنّه لو سلم لهم أنّ هذه الآية وردت في وجوب الزكاة المفروضة، فإنّ نائب الرسول - وهو الإمام العادل - قائم مقام الرسول في كل ما يتعلق بأحكام الدين، إلا ما قام الدليل على اختصاص الرسول به، وليس تخصيص الرسول بالخطاب دليلا على اختصاص الحكم به، فإنّ معظم الأحكام الشرعية وردت خطابا للرسول عليه الصلاة والسلام : وإن سائر الآيات دلت على أنّ الزكاة إنما وجبت دفعا لحاجة الفقير، وإعانة على أبواب من البر في مصلحة الأمة، فنظام الزكاة من النظم الجليلة التي تحقق مصلحة عامة لمجموع الأمة، فهي باقية ما بقيت الأمة.
وَاللَّهُ سَمِيعٌ يسمع الاعتراف بالذنب عَلِيمٌ بما في الضمائر من الندم. أو أنه سميع يجيب دعاءك لهم، عليم بما تقتضيه الحكمة في مصالح الناس.
قال اللّه تعالى : وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ