ص : ٥٥٩
بكرة وشبل بن معبد ونافعا بقذف المغيرة بن شعبة. ثم استتابهم وقال : من تاب قبلت شهادته.
وقوله تعالى : فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تعليل لما يفيده الاستثناء : أي إلا الذين تابوا فاقبلوا شهادتهم، ولا تفسّقوهم، لأنّ اللّه غفور رحيم، أو فلا تفسوقهم لأنّ اللّه غفور رحيم.
اللعان
قال اللّه تعالى : وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) في «القاموس» : الشهادة : الخبر القاطع... وأشهد بكذا أحلف ا ه وفي قوله تعالى : اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً [المجادلة : ١٦] بعد قوله جلّ شأنه : إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ دليل على أنّ الشهادة ترد بمعنى اليمين، وقد أجرت العرب الشهادة : أفعال العلم واليقين مجرى اليمين وتلقتها بما يتلقى القسم، وأكدت بها الكلام كما يؤكد بالقسم.
وقد شاع في لسان الشرع استعمال الشهادة بمعنى الإخبار بحقّ للغير على الغير، وتسمّى أيضا بينة.
وقد ذكر مادة الشهادة في آيات اللعان خمس مرات : أما الأولى فالمراد بها البيّنة بلا خلاف وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ أي وليس لهم بينة أربعة رجال عدول يشهدون بما رموهن به من الزنى.
وأما الثانية فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ فأولى الأقوال بالصواب فيها أنّها بمعنى البينة أيضا، وأنّ المراد فبينته المشروعة في حقه أن يقول أربع مرات إلخ، ويكون الكلام على حد «ذكاة الجنين ذكاة أمه» أي الذكاة الشرعية التي تحلّ الجنين هي ذكاة أمه. فذكاة أمه ذكاة له، كذلك هنا، قول الزوج الكلمات الخمس بينة له على صدق ما يقول، وقائمة مقام أربعة رجال عدول يشهدون على صدقه.
وأما الثلاثة الباقية «أربع شهادات باللّه، أن تشهد أربع شهادات باللّه» فهي محتملة لأن تكون بمعنى الإخبار عن علم، وبمعنى الحلف والقسم، لأنّ معنى «أربع شهادات باللّه» أن يقول أربع مرات : أشهد باللّه إلخ وقول القائل : أشهد باللّه على كذا يحتمل أن يكون خبرا مؤكدا بالشهادة، كما يؤكّد بالقسم، ويحتمل أن يكون قسما مؤكدا بلفظ الشهادة، والعلماء مختلفون في المراد هنا بكلمات اللعان في قول أحد المتلاعنين : أشهد باللّه إلخ، فمنهم من قال : هي شهادات غلبت عليها أحكام


الصفحة التالية
Icon