ص : ٦٦٣
فقيل : الصلاة من اللّه على نبيه ثناؤه عليه وتعظيمه، هو مروي عن البخاري عن الربيع بن أنس، ثم تعظيم اللّه له في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء العمل بشريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وإجزال الأجر والثواب له، وإعطائه المقام المحمود. وهل من الملائكة الدعاء له. وقيل : هي من اللّه الرحمة، ومن الملائكة الدعاء.
وعلى القولين : فالصلاة من اللّه غير الصلاة من الملائكة، وقد عبّر عنها بلفظ واحد أضيف إلى واو الجماعة يُصَلُّونَ فمن ذهب إلى منع الجمع بين الحقيقة والمجاز ذهب إلى أنّ في الآية حذفا تقديره هكذا : إنّ اللّه يصلّي، وملائكته يصلون، فتكون واو الجماعة خاصّة، وذهب بعضهم إلى أنّ تعدّد الفاعل مؤذن بتعدّد الفعل، فيكون الفعل مسندا إلى كلّ من الفاعلين.
وذهب جماعة إلى القول بأنّه من باب عموم المجاز، لا من الجمع بين الحقيقة والمجاز، فيقدّرون معنى مجازيا عاما، ينتظم أفرادا كثيرة، ويكون كلّ فرد منها فردا حقيقيا من أفراد المعنى المجازي للعام، ويقولون : إنّ هذا المعنى العام هو الاعتناء بالمصلّى عليه، وهذا الاعتناء له أفراد، فهو يكون من اللّه على وجه، ويكون من الملائكة على وجه آخر.
وأما صلاة المؤمنين عليه، فهي تعظيمهم لشأنه، وذلك يكون بوجوه كثيرة : منها الدعاء له باللفظ الوارد في ذلك، وقد جاءت كيفية الصلاة عليه من المؤمنين من طرق كثيرة، وفيها صور من الصلاة مختلفة، واختلافها يشعرك بأنّ الغرض ليس تحديد كيفية خاصّة، وإنما هي ألوان من التعظيم، وسنقتصر على بعض ما صحّ من هذه الكيفيات لأنّ استيعابها يطول.
روى الشيخان «١» وغيرهما عن كعب بن عجرة رضي اللّه عنه قال : قال رجل : يا رسول اللّه أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال :«قل اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».
وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم وغيرهم «٢» عن أبي حميد الساعدي أنهم
(٢) رواه مسلم في الصحيح (١/ ٣٥٦)، ٤ - كتاب الصلاة، ١٧ - باب الصلاة على النبي حديث رقم (٦٩/ ٤٠٧)، والبخاري في الصحيح (٧/ ٢٥٢)، ٨ - كتاب الدعوات، ٣٢ - باب الصلاة على النبي حديث رقم (٦٣٦٠)، ومالك في الموطأ (١/ ١٦٥)، وأحمد في المسند (٥/ ٤٢٤).