ص : ٦٦٤
قالوا : يا رسول اللّه كيف نصلّي عليك؟ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«قولوا : اللّهم صلّ على محمّد وأزواجه وذريّته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وأزواجه وذريّته، كما باركت على آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد».
وأخرج الجماعة «١» عن أبي سعيد الخدري قلنا : يا رسول اللّه هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ فقال :«قولوا : اللهم صلّ على محمّد عبدك ورسولك، كما صلّيت على إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم».
وهناك روايات أخرى دون هذه في الصحة، وتخالفها بالزيادة والنقص في مواضع كثيرة، وما دام المراد تعظيم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فأيّ عبارة تكون واردة من طريق صحيح كان لك أن تأخذ بها.
وأما التسليم : فقد قيل : إنّ المعنى أن اللّه أمر المؤمنين أن يقولوا السلام عليك يا رسول اللّه، وقد اختلف في معنى السلام عليك فقيل : إنّ معناه دعاء له بالسلامة من الآفات والنقائص [أن ] تحيط به وتلازمه.
وقيل : بل السلام اسم من أسماء اللّه، ومعنى كونه عليه : أنه حافظه، حتى إن بعض من قال بهذا قال : إنّ الكلام على حذف مضاف، والتقدير حفظ السلام عليك.
وقيل : بل السلام الانقياد وعدم المخالفة، ومعنى كونه عليك : ملازمته، وهو حينئذ دعاء للمسلم عليه بانقياد الناس له انقيادا ملازما بحيث لا يخالفونه.
قالوا : إنما أكّد التسليم بالمصدر، ولم يؤكد الصلاة، لأن الصلاة قد قرنت بما يؤكدها، وهو الإخبار بأنّها تكون من اللّه ومن الملائكة، فكان ذلك أبعث على أن تكون من الناس.
وخص المؤمنين بالتسليم، لأنّ الآية وردت بعد الكلام في أذية النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، والأذية المحدّث عنها إنما تكون من البشر.
وقيل : بل صلاة اللّه مشتملة على تسليمه، وأما صلاة الناس فلا تشتمل عليه، فلذلك طلب التسليم منهم.
ويكاد العلماء يجمعون على وجوب الصلاة والتسليم عليه مرّة في العمر، بل

(١) رواه البخاري في الصحيح (٦/ ٣٢)، ٦٥ - كتاب التفسير، ١٠ - باب إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ...
حديث رقم (٤٧٩٨)، وابن ماجه في السنن (١/ ٢٩٢)، ٥ - كتاب إقامة الصلاة، ٢٥ - باب الصلاة على النبي حديث رقم (٩٠٣)، والنسائي في السنن (٣ - ٤/ ٥٦)، كتاب السهو، باب نوع آخر من الصلاة على النبي حديث رقم (١٢٩١).


الصفحة التالية
Icon