ص : ٧٠٧
والإعانة مطلقا إن كان خصمه حربيا. ونصره وإعانته عند وقوع ظلم عليه إن كان خصمه ذميا أو صاحب أمن.
وأما إن كان خصمه ذميا والمسلم ظالم له، فالواجب علينا وضع الظلم، فقد استحق بعقد الذمة أن يكون له ما لنا وعليه ما علينا.
قال اللّه تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١) السخر : الهزء، قيل : وهو النظر إلى المسخور بعين النقص، وقال القرطبي : إنّ السخرية وهي اسم منه، الاستحقار والاستهانة، والتنبيه على العيوب والنقائص بوجه يضحك منه. والأكثر تعدية فعله (بمن) وهي لغة الكتاب العزيز، كما تدل عليه الآية التي معنا، وقوله تعالى : إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ [هود : ٣٨] ويقال : فلان سخرة، بوزن همزة.
إذا كان يهزأ به الناس، وقد تكون السخرية بمحاكاة الفعل بالقول والإشارة، أو الضحك على كلام المسخور منه إذا بدا منه تخبط أو غلط، أو على صنعته، أو قبح صورته، ويرى بعضهم أن السخرية ذكر الشخص بما يكره على وجه مضحك بحضرته. ويرى البعض أنّ المراد منها احتقار القول أو الفعل بحضور صاحبه.
والآية نزلت في قوم بني تميم، سخروا من بلال وسلمان وعمّار وخباب وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة «١».
وقد ذكر فيها النهي عن السخرية بالنساء تتميما لبيان الحكم.
وروي أنّها في شأن أمّ سلمة حين سخر منها بعض الصحابيات، وقيل غير ذلك.
وقوله عزّ وجلّ : عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ تعليل للنهي، أي عسى أن يكون المسخور منه عند اللّه خيرا من الساخر، ف «ربّ أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على اللّه لأبرّه» وقيل : بل المعنى عسى أن يبدّل اللّه الحال، ويعكس الأمر، فيصير المسخور منه عزيزا رفيع الجانب، والساخر ذليلا مهانا، وهو حينئذ على حد قوله :
لا تهن الفقير علّك أن تركع يوما والدهر قد رفعه
وقد ذكر اللّه تعالى النساء مع القوم في الآية، فكان ذلك قرينة على أنّ المراد