ص : ٨٠٢
قومي» «١»
. والذي وقع من النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان من هذا النوع، وإنما عوتب على ما صاحب الامتناع من الحرص على مرضاة الأزواج، خصوصا بعد المظاهرة التي كانت منهنّ، ومرضاة مثل هؤلاء ينبغي ألا يحرص عليها.
وقد اعتذر بعض العلماء عن الزمخشري، وأوّل كلامه.
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ الفرض : التقدير، والمراد منه هنا : جعل تحلة اليمين شريعة، والمراد من التحلة الكفارة، والتحلة مصدر حلّل، كالتكرمة مصدر كرّم، وهو مصدر غير قياسي، إذ المصدر القياسي في كلّ منهما : التحليل والتكريم.
وأصله من الحلّ ضدّ العقد، وذلك أنّ من حلف على شيء فكأنّه قد عقد عليه، لأنّه التزمه. وقد جعل اللّه الكفارة حلّا لهذا الالتزام.
وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ هو سيدكم، ومتولي أموركم، وهو العليم بشأنكم، يعلم ما فيه مصلحتكم، فيشرع لكم ما تقضي به هذه المصلحة، وهو الحكيم الذي لا يصدر عنه إلا كل متقن محكم.
اختلف العلماء في أنّ التحريم الذي كان من النبي صلّى اللّه عليه وسلّم هل كان مقترنا بيمين، وظاهر الآية قد يؤيّد القول بالإيجاب، لقوله تعالى : قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ إذ هو مشعر بأن ثمة يمينا تحتاج إلى التحلة، وقد جاء في بعض الروايات ما يؤيده.
واختلفوا أيضا في أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أعطى كفارة، أو لم يفعل.
وقد ذهب الحسن إلى أنه لم يعط كفارة، ويقول في التوجيه : إن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو توجيه لا يخلو من شي ء، وقد نقل عن الإمام مالك رحمه اللّه في «المدونة» أنّه أعطى الكفارة.
وقد اختلف العلماء بعد ذلك في الرجل يحرّم شيئا، كأن يقول لزوجته : أنت عليّ حرام، أو الحلال عليّ حرام، ولم يستثن شيئا.
ويقول ابن العربي «٢» : بأنّ للعلماء في تحريم الرجل لزوجته خمسة عشر قولا، يجمعها ثلاثة مقامات :
المقام الأول : في جمع الأقوال.
الثاني : في التوجيه.
(٢) انظر أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ١٨٣٥).