ص : ٨٤
المصلّى، وإذا قضى الصلاة قطع التكبير» «١»
وقد روي ذلك عن كثير من الصحابة.
وقد اختلف فقهاء الأمصار في التكبير يوم الفطر في الطريق إلى المصلّى، فروى المعلى «٢» عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال : يكبّر الذي يذهب إلى العيد يوم الأضحى.
ويجهر بالتكبير. ولا يكبّر يوم الفطر، وقال أبو يوسف يكبّر يومي عيد الأضحى والفطر.
وليس فيه شيء مؤقت لقوله تعالى : وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ.
وقال الحسن بن زياد «٣» عن أبي حنيفة : إن التكبير في العيدين ليس بواجب في الطريق، ولا في المصلّى، وإنما التكبير الواجب في صلاة العيد.
وذكر الطحاوي «٤» أن ابن أبي عمران «٥» كان يحكي عن أصحاب أبي حنيفة جميعا أن السنة عندهم في يوم الفطر أن يكبّروا في الطريق إلى المصلّى، حتى يأتوه، ولم نكن نعرف ما حكاه المعلى عنهم.
وقال مالك والأوزاعي : يكبّر في خروجه إلى المصلّى في العيدين جميعا.
وقال الشافعي : أحبّ إظهار التكبير ليلة الفطر وليلة النحر.
وتكبير اللّه هو تعظيمه. والصيغة المأثورة فيه معروفة.
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ على ما شرعت من الأحكام. وسهّلت لكم في أدائها.
قال اللّه تعالى : وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦) قد ذكروا في سبب هذه الآية وجوها :
منها أنّ أعرابيا جاء إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : أقريب ربنا فنناجيه، أو بعيد فنناديه؟
فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.
ومنها ما روي أنه عليه الصلاة والسلام كان في غزوة، وقد رفع أصحابه أصواتهم بالتكبير والتهليل والدعاء، فقال عليه الصلاة والسلام :«إنكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا، إنما تدعون سميعا قريبا» «٦».
(٢) معلى بن منصور الرازي، أبي منصب القضاء أيام المأمون، توفي (٢١١ ه) انظر الأعلام للزركلي (٧/ ٢٧١). [.....]
(٣) اللؤلؤي قاض وفقيه، من أصحاب أبي حنيفة توفي (٢٠٤ ه) انظر الأعلام للزركلي (٢/ ١٩١).
(٤) أحمد بن محمد بن سلام الأزدي، فقيه حنفي، مصري توفي (٣٢١ ه) توفي في القاهرة، انظر الأعلام للزركلي (١/ ٢٠٦).
(٥) أحمد بن أبي عمران بن سلامة أبو عبد اللّه، أصله من الشام، انظر الأعلام للزركلي (١/ ١٨٩).
(٦) رواه البخاري في الصحيح (٤/ ١٩)، ٥٦ - كتاب الجهاد، ٣١ - باب ما يكره رفع الصوت حديث