وما استحبه المتأخرون في هذه المذاهب الثلاثة هو في ((مطلق الدعاء))، أما في الصلاة فلم أرَ من ذكره منهم سوى النووي رحمه الله تعالى في حق منفرد؛ إذ قال (١) :(يستحب – للقارئ وحده – أن يكون في الصلاة، وأنه قيل: يستحب أن يكون في ركعتي الفجر، وركعتي سنَّة المغرب، وفي ركعتي سنَّة الفجر أفضل).
ونحوه في ((الأذكار)) وزاد فيها (٢) :(يستحب الدعاء عند الختم استحباباً متأكداً شديداً، لما قدمناه (٣)، ولأثر حميد الأعرج (٤) :(من قرأ القرآن ثم دعا؛ أمَّن على دعائه أربعة آلاف ملك) اهـ.
وقال ابن قدامة الحنبلي، م سنة ٦٢٠هـ رحمه الله تعالى (٥) :(وقال بعض أهل العلم: يستحب أن يجعل ختمة النهار في ركعتي الفجر أو بعدهما، وختمة الليل في ركعتي المغرب أو بعدهما، يستقبل بختمه أول الليل وأول النهار) اهـ.
لكن لم يذكر أنه يدعو، ولعلّه مراد. والله أعلم.
أما في مذهب الإِمام مالك رحمه الله تعالى ففي ((المستخرجة)) عن ابن القاسم قال (٦) :(سُئل مالك عن الذي يقرأ القرآن فيختمه، ثم يدعو؟ قال: ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن، وما هو من عمل الناس) اهـ.
وقال شارحها ابن رشد في ((البيان والتحصيل)): (الدعاء حسن، ولكنه كره ابتداع القيام له عند تمام القرآن، وقيام الرجل مع أصحابه لذلك عند انصرافهم من صلاتهم، واجتماعهم لذلك عند خاتمة القرآن، كنحو ما يفعل بعض الأئمة عندنا من الخطبة على الناس عند الختمة، في رمضان، والدعاء فيها، وتأمين الناس على دعائه، وهي كلها بدع محدثات لم يكن عليها السلف) اهـ.
(٢) الأذكار مع شرحها ٣ / ٢٤٢، وانظر ٣ / ٢٣٦- ٢٣٧.
(٣) ٣ ما قدمه من أدلة المشروعية للدعاء بعد الختم: بعض ما تقدم ذكره في هذا الجزء مع بيان حاله ومرتبته.
(٤) سيأتي في آخر هذا الفصل أنه ضعيف الإِسناد.
(٥) المغني مع الشرح الكبير ١ / ٨٠٣.
(٦) بواسطة: المدخل لابن الحاج ٢ / ٢٩٩.