ومن خلال تتبع المروي في ((الفصل الأول)) من هذه الرسالة لم نحس له بأثر ولا أثاره؟ وهذا من العبادات الجهرية التي لو وقعت؛ لَنُقِلَ إلينا وقوعها واشتهر أمرها في كتب الرواية والأثر. بل في رواية حنبل لَمَّا قال لأحمد رحمه الله تعالى: إلى إي شيء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه... : دليل على أنه لو كان عند الإِمام أحمد رحمه الله تعالى سنة ماضية مرفوعة إلى النبي - ﷺ -، أو متصلة العمل بعصر الصحابة رضي الله عنهم؛ لاعتمدها في الدلالة، وهو رحمه الله تعال من أرباب الإِحاطة في الرواية. فلم يبقَ في الدلالة عنده إِلاَّ عمل المِصْرَين: مكة والبصرة. وكم لأهل كل مصر من عمل لم يتابعهم عليه أحد. مثل أهل مكة في عدة مسائل كما في ((أخبار مكة)) للفاكهي (٣ / ٩٢- ٩٢).
مدى حجية جريان العمل في العبادات:
وعليه: فليعلم أن توارث العمل يكون في موطن الحجة: حيث يتصل بعصر التشريع، كتوارث مقدار الصاع والمد النبوي، وأعيان المشاعر، ونحو ذلك (١).
ويكون في موطن الحجة أيضاً عند جماعة من الفقهاء والأصوليين والمحدثين: حيث تكون عَضَادته لحديث ضعيف، تلقته الأمة بالقبول.
لكن هنا لم يكن نقل لعمل متصل بعصر النبي - ﷺ -، وصحابته رضي الله عنهم، ولا عاضد لحديث في الباب وتلقته الأمة بالقبول؛ ففات إذاً شرطه عند من قال به.
لهذا فإن مالكاً رحمه الله تعالى وهو عالم المدينة في زمانه كره الدعاء بعد الختم مطلقاً، وقال: ما هو من عمل الناس.