والخلاصة: أنه ليس من دليل لهذه الرواية عن الإِمام أحمد رحمه الله تعالى سوى عمل التابعين في: مكة، وأنه منقطع الاتصال بعصر الصحابة رضي الله عنهم. وأن التابعين اختلفوا؛ فقال مالك رحمه الله تعالى: ليس عليه عمل الناس. فآل الأمر إلى قاعدة العبادات من وقفها على النص ومورده، ولا نص هنا؛ فبقي الأمر على البراءة وعدم المشروعية، والله أعلم.
؟ ثالثاً: أن أمراً تعبدياً: وهو الدعاء في الصلاة لختم القرآن قبل الركوع أو بعده، من إمام أو منفرد – لم يثبت فيه شيء عن النبي - ﷺ - بل لم يرو فيه شيء – ولا عن صحابته، رضي الله عنهم؟ ثم تُعمر به ((المحاريب)) بدعاء فيه ما هو متكلف مسجوع، غير مأثور، يشغل نحو ساعة من الزمان، يُتلى بصوت التلاوة وأدائها، وتحرير النغم فيه. يكون عَن ظهر قلب، أو في رسالةٍ ربما وصلت ثمانين صفحةً – أي تعدل تلاوة خمسة أجزاء من كتاب الله تعالى – مع رفع الأيدي (١)، ومسح الوجه بهما بعد الفراغ (٢)، ويبكي مَنْ شاء الله مِنْ مأموم وإمام – أثابهم الله على حسن نيتهم – وقوارع التنزيل، وآيات الذكر الحكيم، تتلى في ليالي الشهر، بل على ممر العام، ولا تكاد تسمع ناشجاً ولا نابساً ببكاء من مأموم أو إمام، والله تعالى يقول: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ...﴾ الآية.

(١) انظر: فتاوى العز بن عبد السلام ص ٤٧. والدرر السنية.
(٢) انظر: الجزء الثاني من هذه الأجزاء الحديثية في: مسح الوجه باليدين بعد رفعهما للدعاء.


الصفحة التالية
Icon