وما حررته هنا: هو نظير ما قررته في ((الجزء الثاني)) (١) من الأجزاء الحديثية، في مسألة: مسح الوجه باليدين بعد رفعهما لدعاء القنوت في الوتر؟ من أنه لا يشرع المسح داخل الصلاة، وهو اختيار جماعة من محققي العلماء، منهم: شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وأبو المعالي الجويني، وقال (٢) :(لما في استعماله فيها من إدخال عمل عليها لم يثبت به أثر) اهـ. وأما خارج الصلاة فقد عمل به جماعة من السلف من غير التزام له.
هذا ما يظهر لمقتضى الدليل والتزام قاعدة التعبد. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في نصرة هذا المنهج (٣) :(وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإِجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية، ومن تربّى على مذهب قد تعوّده واعتقد ما فيه – وهو لا يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء – لا يفرّق بين ما جاء عن الرسول وتلقته الأمة بالقبول بحيث يجب الإِيمان به، وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسّر أو يتعذّر إقامة الحجة عليه، ومن كان لا يفرق بين هذا وهذا؛ لم يحسن أن يتكلم في العلم بكلام العلماء، وإنما هو من المقلدة الناقلين لأقوال غيرهم، مثل المحدث عن غيره، والشاهد على غيره لا يكون حاكماً، والناقل المجرد يكون حاكياً لا مفتياً) اهـ.
(٢) طبقات الشافعية ٥ / ٨٤.
(٣) مجموع الفتاوى ٢٦ / ٢٠٢- ٢٠٣، وانظر منه: ١ / ٢٦٥ مهم، ١٠ / ٤٠٨- ٤٠٩ مهم، ٢٠ / ١٩٦- ١٩٨ مهم، ٢٢ / ٥١٠- ٥١١ مهم، ٢٨ / ٢٤- ٢٥، والسير للذهبي ٢١ / ٤٠٩- ٤١٠، فتاوى الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ص ٦٣- ٦٥، الإِبداع للشيخ على محفوظ ص ٢٦- ٣١.