فهذه الرواية صريحةٌ في أن سبب الْمبادرة هو خشية النسيان، أي كان يحرك لسانه لئلا يفلت منه حرف أو تضيع منه لفظة.
وعن الشَّعْبِيِّ في هذه الآية: } لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ { قال: كان إذا نزل عليه الوحي عَجِلَ يتكلم به من حُبِّه إيَّاه.(٢٧)
وهذه الرواية تدل على أن سبب الْمبادرة هو حب الرسول - ﷺ - للقرآن، وحب الشيء يستلزم الخوف عليه، والخوف من ذهابه عنه.
قال الحافظ ابن حجر: ولا بُعْدَ في تعَدُّدِ السببِ.(٢٨)
بواعث حفظ النبي - ﷺ - للقرآن
يُمكن أن نستخلص مِمَّا سبق بواعث حفظ النبي - ﷺ - للقرآن الكريم، وهي:
١ - أنه الْمبلِّغ عن ربه تعالى، والحفظ ضروري للبلاغ على الوجه الأكمل الذي أمره الله به.
٢ - حب النبي - ﷺ - للقرآن الكريم.
٣ - خوف نسيان القرآن.
٤ - التوثُّق للقرآن، والتحري في ضبط ألفاظه وحفظ كلماته.
(١) تابعي ثقة، ولد سنة ٣٤ هـ، وأخذ عن ابن عباس وابن عمر وأبي سعيد وغيرهم من الصحابة، كان إخباريًّا قصاصًا، غزير العلم بالإسرائليات وصحائف أهل الكتاب، ومن الْمشهورين بالعبادة والوعظ، تولي قضاء صنعاء. توفي سنة ١١٠ هـ، وقيل سنة ١١٣ هـ، وقيل سنة ١١٤ هـ. سير أعلام النبلاء (٤/٥٤٤)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (١/١٥٠).
(٢) رواه البيهقي في دلائل النبوة باب صفة رسول الله - ﷺ - في التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب، وصفة أمته (١/٣٧٩).
(٣) انظر فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٣/٤٠٠).
(٤) الآية ٩ من سورة الحجر.
(٥) رواه البخاري في صحيحه: كتاب التفسير، سورة عبس. صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري (٨/٥٦٠) ح: ٤٩٣٧.
(٦) رواه ابن ماجه في سننه: كتاب الأدب، باب ثواب القرآن. (٢/١٢٤٢) ح: ٣٧٨٠.
(٧) الإهاب، ككِتَابٍ: الجِلْد. القاموس الْمحيط ( أهب ) ص ٧٧.


الصفحة التالية
Icon