كان من عناية النبي - ﷺ - بالقرآن الكريم -كما سبق- حفظُه واستظهارُه، وكان لذلك يعرض القرآن على جبريل - عليه السلام -، ليؤكد حفظه، وليعلم ما طرأ عليه نسخ منه، وليعلم ما يؤمر به من القراءة على الأحرف السبعة، وليتعلم منه معانيه.
فكان جبريل ينزل على النبي - ﷺ - في شهر القرآن من كل سنة فيدارسه فيما نزل عليه حتى وقت المدارسة، يقرأ على النبي - ﷺ -، ويقرأ عليه النبي - ﷺ -:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ - ﷺ - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.(١)
فلفظ المدارسة يحتمل أن كلاًّ منهما كان يعرض على الآخر، وفي رواية: يعرض عليه رسول الله - ﷺ - القرآن، وفي رواية: يَعرض على النبي - ﷺ - القرآن. أي: جبريل - عليه السلام -. فهاتان الروايتان صريحتان في أن كلاًّ منهما كان يعرض على الآخر.(٢)
قال الكوثري:(٣) والمعارضة تكون بقراءة هذا مرة واستماع ذاك، ثم قراءة ذاك واستماع هذا، تحقيقًا لِمعنى المشاركة، فتكون القراءة بينهما في كل سنة مرتين.(٤)
ويظهر أن عرض القرآن في كل سنة مرة كان لفوائد كثيرة، منها:
١ - تأكيد الحفظ والاستظهار.
٢ - معرف ما طرأ عليه النسخ من القرآن.
٣ - معرفة الأحرف السبعة التي أُمر بقراءة القرآن عليها.
٤ - معرفة معاني ما يحتاج إلى معرفة معانيه من القرآن، أو مدارسة ما عُرِف من هذه المعاني.
ترتيب عرض النبي - ﷺ - القرآن على جبريل - عليه السلام -: