ومنها مدرسة كبيرة في القرية المشهورة كوندؤ بونديها اسمها سراج العلوم، وجلس فيها للتدريس والتعليم وهي أكبر المدارس في تلك الناحية، ودرس فيها مدة كثيرة وانتفع به غيها خلق كثير، واجتمع عليه لأخذ العلم جمع كبير، ولا تزال المدرسة إلى الآن معمورة مشهورة، وكان موضع ثقة جميع نظام المدارس - يستشيرونه في مهماتهم وفيما يتعلق بالأمور التعليمية والانتظامية – وجعلوا أمر نصب المدرسين وعزلهم إليه وبيده، ولا يقطعون أمراً ولا يحكمون بشيء إلا بعد مشاورته وأمره وإذنه، وإذا عرض لهم خطب أو نابهم أمر أو كانت لهم حاجة دينية أو دنيوية أو وقعت فيهم مشاجرة وخصومة استدعوه فأمرهم بما يصلح لهم وقضى حاجتهم وأصلح بينهم، وهم ينقادون له ويسلمون لحكمه، ويصدرون عن رأيه وتدبيره، ولم يكن لهم أن يخالفوه(١).
** علمه وصفاته :
كان رحمه الله متضلعاً(٢)من علوم الحديث متميزاً بمعرفة أنواعه وعلله، وكان له كعب عال في معرفة أسماء الرجال، وفن الجرح والتعديل، وطبقات المحدثين، وتخريج الأحاديث(٣). وكان من العلماء الربانيين عالما عاملاً خاشعاً متواضعاً رقيق القلب سريع الدمعة كثير البكاء، سخياً صاحب إيثار وكرم وبر بطلبة العلم، بعيداً عن التكلف في الملبس والمأكل والمظهر والمخبر، زاهداً متقللاً من الدنيا، قانعاً باليسير زاهداً في المناصب والرواتب الكبيرة مكباً على العلم والتأليف والمطالعة، ذاكراً الله تعالى في كل حال، سليم الصدر نزيه اللسان كثير الصمت(٤).

(١) ١ )... المقدمة : ٤٦٤.
(٢) ٢ )... تضلع الرجل امتلأ ما بين أضلاعه شبعاً ورياً، كناية عن غزارة العلم. اللسان ( ضلع ).
(٣) ٣ )... الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام.
(٤) ٤ )... المصدر السابق.


الصفحة التالية
Icon