وقوم كان موقفهم على العكس من ذلك فلم يروا بأساً أن يفسروا القرآن باجتهادهم، ورأوا أن من كان ذا أدب وسيع فموسع له أن يفسر القرآن برأيه واجتهاده
قال الراغب الأصفهاني بعد ذكر المذهبين :" وذكر بعض المحققين أن المذهبين هما الغلو والتقصير... "
فمن اقتصر على المنقول إليه فقد ترك كثيراً مما يحتاج إليه، ومن أجاز لكل أحد الخوض فيه فقد عرضه للتخليط، ولم يعتبر حقيقة قوله تعالى :﴿ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾(١).
هذا.. وقد استدل كل فريق لمذهبه بأدلة كثيرة.. الكثير منها لا يقوم عند التحقيق، والباقي يمكن الجمع بينه بأيسر سبيل، ولبيان ذلك نقول :
الرأي قسمان : قسم جار على موافقة كلام العرب ومناحيهم في القول مع موافقة الكتاب والسنة ومراعاة سائر شروط التفسير، وهذا القسم جائز لاشك فيه وعليه يحمل كلام المجيزين، وقسم غير جار على قوانين العربية ولا موافق للأدلة الشرعية ولا مستوف لشرائط التفسير وهذا هو مورد النهي ومحط الذم، وهذا هو الذي يحمل عليه كلام المانعين "(٢)، غير أن هذا الجمع تعوزه الدقة لأن من منع التفسير بالرأي منعه على كل إنسان وإن كان عالماً أديباً متسعاً في معرفة الأدلة والفقه والنحو والأخبار والآثار، فكيف يتأتى ممن هذا شأنه – تفسير يخالف قوانين العربية ولا يوافق الأدلة الشرعية ؟!

(١) ١ )... سورة ص : ٢٩.
(٢) ١ )... التفسير والمفسرون ١ / ٢٦٥ : ٢٧٣ باختصار شديد.


الصفحة التالية
Icon