ولعل الأوفق في الجمع بين الاتجاهين : أن تحمل الإجازة – ممن أجاز – على تفسير المحكم(١)الذي يمكن التوصل إلى فهمه بمعرفة قوانين العربية والأدلة الشرعية وغيرها.
ويحمل المنع – ممن منع – على تفسير المتشابه(٢)الذي لا يعلم تأويله إلا الله ولا يمكن التوصل إلى معرفة المراد منه مهما أوتي الإنسان من علوم ومعارف، والله أعلم.
على أن الطريقة المثلى التي توصل إلى الغاية في فهم القرآن وتَعَرُّفِ معانيه وإدراك دلائل إعجازه هي الاعتماد على النقل والعقل، فلا يصح الاقتصار على النقل وحده ولا على العقل وحده...
وإنما النظر الأمثل أن يعتمد على العقل والرأي وعلى السماع من أقوال الرسول - ﷺ - في فهم القرآن، فظواهر القرآن من الألفاظ، والآثارُ التي تعاضد الظاهر لا تكفي وحدها بل تساعد العقل وتفتح له السبيل لاستخراج معاني القرآن المتسعة الأفق البعيدة المدى التي توجه الفكر إلى أعمق الحقائق العلمية والكونية والنفسية، وكلما تفتح العقل في ظل إدراك الألفاظ وظواهر اللغة أدرك إدراكاً صحيحاً ما تشير إليه الحقائق الكونية وما يشير إليه القرآن(٣).

(١) ٢ ) ( ٣ ) اختلف في تعريفهما اختلافاً كبيراً وأهم ما قيل فيهما أن المحكم ما عرف المراد منه، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه، المحكم ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً، والمتشابه ما احتمل أوجهاً، المحكم ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان، والمتشابه ما لا يستقل بنفسه واحتاج إلى بيان... انظر مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان. ص : ٢٠٧، ط : مكتبة وهبة.
(٣) ١ )... زهرة التفاسير للإمام محمد أبو زهرة ١ / ٣٥، ط : دار الفكر.


الصفحة التالية
Icon