أولاً : لما أورده الطبري في تفسيره عن الربيع بن أنس(١)﴿ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ ﴾ قال فكان سجود أحدهم على خده "(٢). ودلالة هذا الأثر واضحة أنهم خالفوا هيئة السجود المعروفة إلى هيئة أخرى.
ثانياً : لما أورده الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - ﷺ - في قوله تعالى ﴿ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً ﴾ قال دخلوا متزحفين على أوراكهم أي منحرفين(٣)ووجه دلالته كسابقه.
ثالثاً : لو كان المراد شيئاً غير السجود الحقيقي لكانوا بفعلهم هذا – من دخولهم متزحفين لا راكعين ولا منحنين – مطيعين خاضعين لأنهم أتوا بمعنى التكليف وزيادة.. كما تقول لأحد من الناس امش إليَّ فيأتيك جرياً، ففعله هذا وإن كان ظاهره المخالفة إلا إنه في غاية الطاعة والاستجابة، وأن هؤلاء لو كانوا قد أمروا بالدخول منحنين لكان دخولهم متزحفين على أوراكهم علامة على شدة الطاعة، ولو كانوا قد أمروا بالتواضع لكان دخولهم على هذه الحالة علامة على شدة تواضعهم.. لكن الله سبحانه قد وصف فعلهم بالمخالفة والتبديل.. فدل هذا على أنهم أمروا بالسجود حقيقة فخالفوه إلى غيره.

(١) ١ )... الربيع بن أنس البكري الخرساني، سمع أنس بن مالك وأبا العالية، سمع منه أبو جعفر الرازي وعبد العزيز بن مسلم وابن المبارك وغيرهم. التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٧٢، دار الفكر.
(٢) ٢ )... تفسير الطبري ١ / ٣٤٤.
(٣) ٣ )... سنن الترمذي. أبواب التفسير. سورة البقرة جـ رقم [ ٣١٣٢ ] وقال حسن صحيح.


الصفحة التالية
Icon