** وما رواه البخاري ومسلم وغيرهما – واللفظ لمسلم – عن أنس(١)قال " مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال النبي - ﷺ - وجبت وجبت وجبت، ومروا بجنازة فأثني عليها بشر فقال النبي - ﷺ - وجبت وجبت، فسأله عمر فقال : من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض "(٢).
وإذا كان النبي - ﷺ - قد فسر الآية مرة بوقوع الشهادة على الكفار يوم القيامة ومرة أخرى بوقوع الشهادة في الدنيا بين المسلمين فلا مانع من إرادة المعنيين معاً في الآية بل هو المتعين لأنه ليس في الآية ما يفيد قصر ذلك على زمان بعينه أو أقوام بأعينهم...
ولعل الفارق بين وقوع الشهادة في الدارين – والله أعلم – أن ما يقع في الآخرة إنما هو شهادة أمة على أمة، أما ما يقع في الدنيا فهو شهادة أفراد.
قال الإمام الرازي – بعد أن ذكر الدليل على وقوع الشهادة في الدارين :" واعلم أن الدليل الذي ذكرناه على صحة هذا القول لا يبطل غيره لأنه يفيد أن الأمة لابد وأن يكونوا شهوداً في الدنيا وهذا لا ينافي كونهم شهوداً يوم القيامة أيضاً على الوجه الذي وردت الأخبار به "(٣)
﴿ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾(٤)
المراد بإلقاء الأيدي في التهلكة ؟

(١) ٢ )... الصحابي الجليل أنس بن مالك بن النضير بن ضمضم بن زيد.. ابن البخار يكنى أبا حمزة، خادم رسول الله - ﷺ - وآخر أصحابه موتاً، حضر بيعة الشجرة وشهد بدراً وهو غلام، ت سنة ٩٣ عن ١٠٣ سنة. السير ٣ / ٣٩٥.
(٢) ٣ )... ك : الجنائز، باب : فيمن يثنى عليه خيراً وشراً من الموتى.
(٣) ٤ )... تفسير الرازي ٢ / ٤ / ٩٣.
(٤) ١ )... البقرة : ١٩٥.


الصفحة التالية
Icon