لأن العرب لا يبتدئون بساكن، ولا يقفون على متحرك بالحركة، وإنما كان السكون أصلا في الوقف؛ لأنه لما كان الغرض من الوقف الاستراحة، والسكون أخف من الحركات كلها، وأبلغ في تحصيل الراحة، صار أصلا بهذا الاعتبار.
الثاني: الروم:
وهو الإتيان ببعض الحركة حتى يذهب معظم صوتها، فيسمع لها صوت خفي، يسمعه القريب المصغي دون البعيد؛ لأنها غير تامة.
الثالث: الإشمام:
وهو ضم الشفتين بعيد سكون الحرف كهيئتهما عند النطق بالضمة، وهو إشارة إلى الضم، ومن ثَم فلا يدركه إلا البصير.
وفائدة الروم والإشمام: بيان الحركة الأصلية التي ثبتت في الوصل للحرف الموقوف عليه.
وهناك أنواع أخرى للإشمام غير إشمام الوقف لا حاجة لذكرها، ولكنا نذكر منها نوعا ورد في لفظ "تأمنا" في قوله تعالى: مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ (١) فأصل الكلمة "تأمننا" بنونين، أدغمت الأولى في الثانية للجميع.
ويجوز فيها وجهان:
١. الإشمام: وهو عين الإشمام المتقدم في الوقف، إلا أنه هنا مقارن لسكون الحرف المدغم، وفي الوقف بعيد السكون.
والإشمام هنا للإشارة إلى حركة الفعل، وهي الضمة، فالإدغام مع الإشمام صريح.
٢. الروم: فيمتنع معه الإدغام الصحيح؛ لأن الحركة لا تسكن رأسا، بل يضعف صوتها، وبعضهم يعبر عن الروم بالإخفاء.
ما يجوز فيه الروم والإشمام، أو الروم، وما لا يجوز:
ينقسم الموقوف عليه إلى ثلاثة أقسام:
١. ما يوقف عليه بالأنواع الثلاثة المتقدمة، وهي: السكون، والروم، والإشمام، وهو ما كان متحركا بالرفع أو الضم مثل نَسْتَعِينُ (٢) مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (٣).
٢. ما يوقف عليه بالسكون والروم فقط ولا يجوز فيه الإشمام، وهو ما كان متحركا بالخفض أو الكسر مثل: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٤) هَؤُلاءِ (٥).
٣. ما يوقف عليه بالسكون فقط ولا يجوز فيه الروم والإشمام، وذلك في المواضع الآتية:

(١) سورة يوسف: الآية (١١).
(٢) سورة الفاتحة: الآية (٥).
(٣) سورة الروم: الآية (٤).
(٤) سورة الفاتحة: الآية (١)، والآية (٣).
(٥) سورة البقرة: الآية (٣١).


الصفحة التالية
Icon