لأن الوقف على رءوس الآي سنة مطلقا؛ لحديث أم سلمة (١) –رضي الله عنها- قالت: " كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا قرأ قطع قراءته آية آية. يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقف، ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، ثم يقف، ثم يقول: الرحمن الرحيم، ثم يقف... " إلى آخر الحديث (٢) وهذا الحديث أصل في هذا الباب، فظاهر هذا الحديث أن رءوس الآي يستحب الوقف عليها مطلقا.
وقال بعضهم في شرح هذا الحديث: هذا إذا كان ما بعد رأس الآية يفيد معنى، وإلا فلا يحسن الابتداء به، كقوله تعالى في سورة البقرة: لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ (٣) فإن تَتَفَكَّرُونَ رأس آية، لكن ما بعده لا يفيد معنى إلا بما قبله، فلا يحسن الابتداء بقوله: فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بل يستحب العود لما قبله، والمذهب الأول هو المشهور عند غالب أهل هذا الفن.
٤. والقبيح:
هو الوقف على لفظ غير مفيد، وقد تعلق ما بعده بما قبله لفظا ومعنى، كالوقف على المبتدأ دون خبره، أو على المضاف دون المضاف إليه.

(١) أم سلمة: هي أم المؤمنين زوج النبي ﷺ السيدة أم سلمة هند بنت أبي أمية سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية، وكان أبوها يعرف بزاد الركب وكانت قبل النبي ﷺ عند أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي فولدت له سلمة وعمر ودرة وزينب، وتوفى فخلف عليها رسول الله ﷺ وتزوجها الرسول ﷺ بعد أبي سلمة في السنة الرابعة للهجرة، وكانت من المهاجرات إلى الحبشة وإلى المدينة، وقيل إنها أول ظعينة هاجرت إلى المدينة، وتوفيت بالمدينة سنة اثنتين وستين للهجرة. [ابن الأثير الجزرى: أسد الغابة في معرفة الصحابة مجلد ٧، ص ٣٤٠، ٣٤١].
(٢) أخرجه أبو داود ٤/٣٧ رقم (٤٠٠١)، والترمذي ٨/١٢٦ رقم (٢٩٢٨)، وأحمد ٦/٣٠٢. قال ابن الجزرى: وهو حديث حسن وسنده صحيح، النشر في القراءات العشر ١/٢٢٦.
(٣) سورة البقرة: الآية (٢١٩)، الآية (٢٢٠).


الصفحة التالية
Icon