"ينبغي التفكر في الآية رقم : ٣٨، و٣٩ (من هذه السورة)، كثير من الشيوخ والدراويش في وطننا السند يقولون للناس : أعطونا النذور لنضمن لكم الآخرة وننجيكم من عذابها!. وفي الحقيقة لا تنفع الأعمال الصالحة غير صاحبها ولا تلقى أوزار السيئات إلا على عاتق صاحبها. وفي بلاد السند يعطى على الوفيات شيء كثير للمطاوعة وللشيوخ والدراويش، ويعملون حيلة الإسقاط، وتقدم الفلوس على هبة القرآن(١)، ويعملون الجُمَع(٢)، ويقدم الطعام إلى الأقارب وغيرهم.. وبالجملة: من مات له قريبه، ينهب له بيته.. ، وعلى كلٍ: الحداد بعد الوفاة، وعدم الاستحمام على خلاف العادة، وعدم تغيير الملابس، وعدم الاكتحال، وعدم شرب الحليب، والنوم على الأرض (دون السرير)، والنوح والبكاء.. كل ذلك غير صحيح، وكذلك الإنفاق على القبور والقباب.. إسراف وخطيئة"(٣).

(١) بدعة معروفة في بلاد السند، وهي أن ورثة الميت يحملون المصحف مع الميت وبعد أداء صلاة الجنازة عليه يمسك المطوع بطرف من المصحف، وورثة الميت بطرف آخر، فيعدد المطوع ذنوب الميت كلها من صغره إلى وفاته سواء عملها أو لم يعملها.. من أنه ارتكب الكبائر والصغائر من عقوق الوالدين وارتكب الزنى والسيئات وأكل أموال الناس بالباطل.. يأتي على ذنوب العالم كله فيردد الورثة وراءه معترفين بها كلها وشاهدين عليه بذلك ثم يقولون إننا لا نقدر أن نفدي عنها بشيء غير هذا المصحف الذي لا يقدر بقيمة فهو أغلى من كل قيمة وثمن، ونرجو الله تعالى أن يتقبل عن هذا الميت هذه الفدية.. ثم يقدمون مبلغاً من النقود كل على قدر استطاعته للمطوع الذي قدم لهم خدمة حط ذنوب ميتهم بهذه العملية! هكذا ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
(٢) أي يقدمون أطعمة متنوعة للمشايخ والدراويش ولأقربائهم كل يوم جمعة سبعة أسابيع عادةً.
(٣) التفسير المنير ص٨٩٩.


الصفحة التالية
Icon