فقد ذكر في كتب التاريخ أن مهروك بن رائك الهندوسي- حاكم ولاية "ألور" - طلب من عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الهباري(١) - حاكم ولاية "المنصورة" - أن يرسل إليه شخصاً من علماء المسلمين العرب يكون عارفاً باللغة السندية، فلبى حاكم المنصورة طلبه، وأرسل إليه عالماً حسب طلبه وكان الرجل من أهل العراق، وكان قد أجاد اللغة السندية قراءةً وكتابةً، نثراً ونظماً، فطلب منه الحاكم الهندوسي أن يعرف له الإسلام باللغة السندية، فترجم له القرآن الكريم إلى اللغة السندية ونظم فيها شيئاً من الأحكام الفقهية وقدَّمها إليه، وكان من أثر تلك الترجمة في شخصية الحاكم الهندوسي أنه حينما سمع ترجمة قوله تعالى: ﴿ قال من يحي العظام وهي رميم ﴾ (يس : ٧٨) نزل من عرشه وجلس على الأرض يبكي خوفاً من الله تعالى بكاءً شديداً (٢).
وعلى هذا، فأعتقد - والله أعلم - أن اللغة السندية هي أول لغة أعجمية ترجم إليها القرآن الكريم في القرن الثالث الهجري.
غير أن الترجمة المذكورة مفقودة، وليس لها ذكر في عالم المخطوطات.

(١) تولى حكم المنصورة من بلاد السند بعد وفاة والده عمر بن عبد العزيز الهباري في ٢٧٠هـ = ٨٨٣م، وكانت الأوضاع في أيامه غير مستقرة وكانت الحرب مستمرة بين الحكام المسلمين من العرب لتولي الحكم والمناصب، فمن ثم تفرقت بلاد السند إلى ولايات يحكمها أشخاص من بينهم الهندوس كذلك، انظر : عجائب الهند لبزرك بن شهريار ص ٣، ورجال السند والهند ص ٢٥٣-٢٥٤.
(٢) انظر جنة السند ص ١٦٦، ومقال العلامة القاسمي حول الترجمات السندية وتفاسيرها ص ٢.


الصفحة التالية
Icon