ديوثاً زوج بغي، فإن الله تعالى فطر الناس على استقباح ذلك واستهجانه ولذلك إذا بالغوا في سب الرجل قالوا: زوج قحبة، فحرم الله على المسلم أن يكون كذلك. فظهرت حكمة التحريم وبان معنى الآية، والله الموفق "(١). والله أعلم بالصواب.
- - -
المراد بالعذاب
٢- قوله تعالى: ﴿ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) ﴾ [سورة النور: ٨].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:
١- أن المراد بالعذاب: الحد(٢).
٢- أن المراد بالعذاب: الحبس(٣).
ترجيح الشنقيطي:
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " المراد بالعذاب هنا: الحد. والدليل على ذلك من أوجه:
الأول: منها سياق الآية، فهو يدل على أن العذاب الذي تدرؤه عنها شهاداتها هو الحد.
الثاني: أنه أطلق اسم العذاب في مواضع أخر على الحد مع دلالة السياق على أن المراد بالعذاب فيها الحد؛ كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا ×pxےح !$sغ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) ﴾ [سورة النور: ٢]، فقوله: ((وليشهد عذابهما)) أي حدهما بلا نزاع، وكذلك قوله تعالى في الإماء ﴿ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ [سورة النساء: ٢٥] أي نصف ما على الحرائر من الجلد "(٤).
الموافقون:
قال بالمعنى الذي ذهب إليه الشنقيطي عدد من أعلام المفسرين، منهم:

(١) بدائع التفسير لابن القيم (٣/٢٤٥).
(٢) جامع البيان للطبري (١٨/٦٨)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/٢٦٥)، أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/٥٩).
(٣) مدارك التنزيل للنسفي (٣/١٠٢).
(٤) أضواء البيان للشنقيطي (٦/١٣١-١٣٢) بتصرف.

ولهذا دخل الشيطان عليكم وعلى كثير من النساك من هذين المدخلين إذ توسعتم في النظر إلى الصور المنهي عن النظر إليها وفي استماع الأقوال والأصوات التي نهيتم عن استماعها.
الوجه الثاني: أن المراد بالقول في هذه الآية التي احتججتم بها القرآن كما جاء ذلك في قوله: ﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ﴾ [سورة المؤمنون: ٦٨] وقوله: ﴿ * وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ ﴾ [سورة القصص: ٥١] فالقول الذي بشر مستمعيه ومتبعي أحسنه هو القول الذي وصله وحض على تدبره. وكلام الله يفسر بعضه بعضاً ويحمل بعضه على بعض(١).
الوجه الثالث: أن الألف واللام هنا لتعريف العهد وهو القول الذي دعي إليه المخاطب وأمر بتدبره، وأخبر بتوصيله له وهو كالكتاب والقرآن، والألف واللام فيه كالألف واللام في الكتاب سواء، وكذلك الألف واللام في الرسول في قوله: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (٣٠) ﴾ [سورة الفرقان: ٣٠]، وفي قوله: ﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ﴾ [سورة النور: ٦٣] وقوله: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [سورة المائدة: ٩٢]. فهل يجوز أن يقال: إن اللام في الكتاب والرسول للاستغراق فتحمل على كل كتاب وعلى كل رسول؟
الوجه الرابع: أنها وإن كانت للعموم في قوله: ((الذين يستمعون القول)) فهي إنما تعم القول الذي أنزل الله - عز وجل - ومدحه وأثنى عليه وأمر باتباعه واستماعه وتدبره وفهمه، فهي تقتضي العموم والاستغراق في جميع هذا القول، فإنها تقتضي عموم ما عرفته وقصد بمصحوبها.
(١) استدلال بتفسير القرآن بالقرآن، أقوى وأحسن أنواع التفسير. شرح مقدمة التفسير لابن عثيمين ص(١٢٧)، قواعد التفسير لخالد السبت (١/١٠٩).

وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨) }... ١٨
﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) ﴾... ٢٠
﴿ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (٢٢) ﴾... ٢٢
﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٥) ﴾... ٢٥
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠) ﴾... ٤٠... ، ٢١٢، ٢١٣
﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١) ﴾... ٤١
﴿ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى مNخkح٥ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢) ﴾... ٤٢


الصفحة التالية
Icon