١- أن سياق الآية يدل على المعنى المختار، ومعلوم أن سياق الآية إذا دلّ على معنىً؛ كان هو المعنى المقدم عند كثير من أئمة التفسير(١).
٢- أن لفظة العذاب يراد بها الحد وردت أيضاً في آية أخرى في نفس السورة، وهي قوله تعالى: ﴿ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا ×pxےح !$sغ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة النور: ٢] ولا خلاف في أن العذاب الذي تشهده طائفة من المؤمنين هو الحد المقام عليهما، فدل ذلك على أن العذاب -في الآية التي نحن بصددها - يراد به الحد؛ لأنه هو الذي تدفعه عنها الزوجة المُلاَعنة بشهادتها.
٣- أن الحبس كان مذكوراً في سورة النساء وعمل به لفترة من الزمن ثم نسخ بما ذكر في سورة النور. ولم يعد الحبس يعمل به(٢). -والله أعلم بالصواب-.
- - -
معنى ﴿ وَلَا يَأْتَلِ ﴾
٣- قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) ﴾ [سورة النور: ٢٢].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:
١- ((لا يأتل)) أي لا يحلف(٣).
٢- ((لا يأتل)) أي لا يقصّر(٤).
ترجيح الشنقيطي:

(١) قواعد الترجيح عند المفسرين (١/١٢٥)، قاعدة: إدخال الكلام في معاني ما قبله وما بعده أولى من الخروج به عنهما، إلا بدليل يجب التسليم له.
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/٤٦٢).
(٣) جامع البيان للطبري (١٨/٨١)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/٢٧٥).
(٤) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/٦١)، مدارك التنزيل للنسفي (٣/١٠٥) ولم يرجّحاه.

قال البخاري في صحيحه: عن مجاهد قال: ((والذي جاء بالصدق)) القرآن ((وصدق به)) المؤمن يجيء يوم القيامة بقول: " هذا الذي أعطيتني عملت بما فيه "(١) فذكر سبحانه الصدق، والمصدق به مثنياً عليه، وقد ذكر ضدهما وهما الكاذب والمكذب بالحق وهما نوعان ملعونان من القول، أعني الكذب والتكذيب بالحق، فكيف يكون من استمعهما ممدوحاً مستحقاً للثناء، ولا ريب أن البدع القولية والسماعية المخالفة لما بعث الله - عز وجل - به رسوله - ﷺ - من الهدى ودين الحق تتضمن أصلين: الكذب على الله والتكذيب بالحق، بل الانتصار لما خالف ذلك سواء كان سماعاً أو غيره، يتضمن الأصلين الباطلين.
الوجه السادس: أنه سبحانه قال بعد ذلك: ﴿ * قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٥٥) ﴾ [سورة الزمر: ٥٣-٥٥]. فهذا الأحسن الذي أمر باتباعه هنا هو الأحسن الذي بشر من اتبعه في أول السورة وهو أحسن المنزل في الموضوعين ونظير هذا قوله تعالى لموسى في التوراة: ﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ﴾ [سورة الأعراف: ١٤٥].
(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري (٨/٥٤٧)، كتاب التفسير، سورة الزمر.

إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١١٦) }... ١١٦
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١١٦) ﴾... ١١٧
﴿ يَعِدُهُمْ ِNخkژدiYyJمƒur وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (١٢٠) ﴾... ١٢٠
﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (١٣٩) ﴾... ١٣٩
﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (١٤٠) ﴾... ١٤٠
﴿ * لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (١٤٨) ﴾... ١٤٨... ٥٦٣
﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩) ﴾... ١٤٩
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) ﴾... ١٥٠
﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١) ﴾... ١٥١
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٥٢) ﴾... ١٥٢


الصفحة التالية
Icon