فإن أفضل ما يشتغل به الباحثون، ويتسابق فيه المتسابقون؛ مدارسة كتاب الله - عز وجل -، وإذا كان كل علم يشرف بموضوعه؛ فإن التفسير هو أفضل علم، إذ هو العلم الخاص بكتاب الله - عز وجل - (١) " الذي يعتبر هو مصدر الهدى والشفاء للناس عامة وللمؤمنين خاصة ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) ﴾ [سورة يونس: ٥٧]، وهو الكتاب الجامع لأصول الدين وفروعه، نصاً أو استنباطاً، عقيدة وشريعة ونظام حياة.. أودع الله فيه من كنوز المعرفة وأصول العدل ومناهج الخير ما يسعد الإنسانية، ويفتح أمامها آفاقاً رحبة في عمارة الكون، والتعارف والتعامل في ظل دستور قرآني خالد "(٢) فنجد أن القرآن الكريم قد " حظي بما لم يحظ به -أو بقريب منه- غيره من الكتب قديماً وحديثاً، بل واستقبالاً: حفظاً للفظه، ومدارسة لنصه، ولا عجب في ذلك؛ فهو كلام الله الحق، وحديثه الصدق، الذي تكفل بحفظه، بقوله ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا uچّ. دe%!$# وَإِنَّا لَهُ tbqفàدے"utm: (٩) ﴾ [سورة الحجر: ٩]، تلقاه الرسول - ﷺ - وحياً من ربه فبلغه، وبيّنه، كما قال سبحانه:
(٢) دراسات في التفسير الموضوعي، د. زاهر بن عواض الألمعي، ص(٥) بتصرف.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " إن العلماء اختلفوا في المراد بالنكاح في هذه الآية، فقال جماعة: المراد بالنكاح في هذه الآية: الوطء الذي هو نفس الزنى. وقالت جماعة أخرى من أهل العلم: إن المراد بالنكاح في هذه الآية هو عقد النكاح، قالوا فلا يجوز لعفيف أن يتزوج زانية كعكسه. وهذا القول الذي هو أن المراد بالنكاح في الآية التزويج لا الوطء؛ في نفس الآية قرينة تدل على عدم صحته، وتلك القرينة هي ذكر المشرك والمشركة في الآية؛ لأن الزاني المسلم لا يحل له نكاح مشركة لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ﴾ [سورة البقرة: ٢٢١]، وقوله تعالى: ﴿ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ [سورة الممتحنة: ١٠]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ [سورة الممتحنة: ١٠]، وكذلك الزانية المسلمة لا يحل لها نكاح المشرك لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ﴾ [سورة البقرة: ٢٢١]. فنكاح المشركة والمشرك لا يحل بحال. وذلك قرينة على أن المراد بالنكاح في الآية التي نحن بصددها: الوطء؛ الذي هو الزنى، لا عقد النكاح، لعدم ملائمة عقد النكاح لذكر المشرك والمشركة "(١).
فالشيخ الشنقيطي إذاً يرى أن المراد بالنكاح في هذه الآية الوطء الذي هو الزنى.
الموافقون:
... عدد من المفسرين ذهبوا في بيان معنى الآية إلى مثل ما ذهب إليه الشنقيطي؛ منهم:
١- الإمام الطبري(٢):
(٢) الإمام العلم المجتهد، أبوجعفر محمد بن جرير الطبري، كان من أفراد الدهر علماً وذكاءً وكثرة تصانيف. قال الذهبي: كان ثقة، صادقاً، حافظاً، رأساً في التفسير، إماماً في الفقه والإجماع والاختلاف، علاّمة في التاريخ وأيام الناس، عارفاً بالقراءات وباللغة وغير ذلك. توفي سنة
٣١٠هـ)، نزهة الفضلاء (٢/١٠٣٧).
١- الإمام الطبري: " وقوله ((وأرض الله واسعة)) يقول تعالى ذكره وأرض الله فسيحة واسعة فهاجروا من أرض الشرك إلى دار السلام "(١).
٢- الواحدي: " ((وأرض الله واسعة)) فهاجروا فيها، واخرجوا من بين الكفار "(٢).
٣- النسفي: " ((وأرض الله واسعة)) أي لا عذر للمفرطين في الإحسان ألبتة حتى إن اعتلوا بأنهم لا يتمكنون في أوطانهم من التوفر على الإحسان، قيل لهم: فإن أرض الله واسعة وبلاده كثيرة فتحولوا إلى بلاد أخر، واقتدوا بالأنبياء والصالحين في مهاجرتهم إلى غير بلادهم ليزدادوا إحساناً إلى إحسانهم وطاعة إلى طاعتهم "(٣).
٤- ابن عطية: " ((وأرض الله)) يريد بها البلاد المجاورة التي تقتضيها القصة التي الكلام فيها، وهذا حضٌّ على الهجرة، ولذلك وصف الله - عز وجل - الأرض بالسَّعة "(٤).
٥- البقاعي: "... ولما كان ربما عرض للإنسان في أرض من يمنعه الإحسان، ويحمله على العصيان، حث سبحانه على الهجرة إلى حيث يزول عنه ذلك المانع، تنبيهاً على أن مثل هذا ليس عذراً في التقصير... "(٥).
٦- السعدي: " ((وأرض الله واسعة)) إذا منعتم من عبادته في أرض فهاجروا إلى غيرها، تعبدون فيها ربكم وتتمكنون من إقامة دينكم "(٦).
(٢) الوجيز للواحدي (٢/٩٣٠).
(٣) مدارك التنزيل للنسفي (٤/٤١).
(٤) المحرر الوجيز لابن عطية (١٢/٥١٥). وكان قد ذكر قبل قليل من كلامه المذكور أن هذه الآية نزلت في جعفر بن أبي طالب وأصحابه حين عزموا على الهجرة إلى أرض الحبشة.
(٥) نظم الدرر للبقاعي (١٦/٤٧٢).
(٦) تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص(٧٢٠).
لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ ِNن٣sY÷ t/ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ ے¾دnحگِDr& أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣) }... ٦٣... ٢٢٥، ٢٣٤
سورة الفرقان
﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (٣) ﴾... ٣... ٢٤٢
﴿ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) ﴾... ٨... ٢٥٧
﴿ انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩) ﴾... ٩... ، ٢٥٧
﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢) ﴾... ١٢
﴿ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا tûüدR
چs)-B دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣) ﴾
... ١٣﴿ قُلْ y٧د٩¨sŒr& يژِچyz أَمْ جَنَّةُ د$ù#èƒù:$# الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ [ن!#u"y_ #[ژچإءtBur (١٥) ﴾... ١٥
﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ tûïد$ح#"yz كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (١٦) ﴾... ١٦
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) ﴾... ١٧
﴿ يَوْمَ tb÷ruچtƒ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ tûüدBحچôfكJù=دj٩ وَيَقُولُونَ #Xچôfدm مَحْجُورًا (٢٢) ﴾... ٢٢... ٣١٤
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ سة_tFّ‹n="tƒ اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَا وَيْلَتَى سة_tFّ‹s٩ لَمْ أَتَّخِذْ $¸Rںxèù Wxٹد=yz (٢٨) لَقَدْ سة_¯=|تr& عَنِ حچٍ٢دe%!$# بَعْدَ إِذْ 'دTuن!$y_ ﴾... ٢٧-٢٩... ، ٣٢٦