والنسفي(١)، وغيرهم.
تعقيب الباحث:
... يظهر -والله أعلم- أن الراجح في معنى (يأتل) أي يحلف؛ وهو ما ذهب إليه الشنقيطي ومن قال بهذا القول، وذلك لأمور:
١- اعتبار سبب النزول(٢) وأن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - حلف أن لا ينفق على مسطح - رضي الله عنه - بسبب موقفه من حادثة الإفك(٣)، والقاعدة المقررة عند علماء الأصول أن صورة سبب النزول قطعية الدخول(٤)؛ تؤيد هذا القول، والإمام الشنقيطي قرر هذه القاعد ورجّح بها في تفسير عدد من الآيات(٥)، وهو أصولي مفسّر
-رحمه الله-.
٢- القراءة المتواترة العشرية (يتأل)(٦) تؤيد القول الراجح، فإن لفظ (يتأل) لا يطلق إلا على إرادة الحلف.
٣- وأخيراً إجماع المفسرين قديماً وحديثاً على المعنى الراجح؛ مع عدم وجود مرجّح للمخالف دليل على صحته ورجحانه -والله أعلم بالصواب-.
- - -
معنى ﴿ مNكgsYƒدٹ ﴾
٤- قوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ مNخkژدjùuqمƒ اللَّهُ مNكgsYƒدٹ الْحَقَّ ﴾ [سورة النور: ٢٥]
مجمل الأقوال الواردة في الآية:

(١) مدارك التنزيل لنسفي (٣/١٠٥).
(٢) الروايات الواردة في سبب النزول، انظرها في: جامع البيان للطبري (١٨/٨١)، والدر المنثور للسيوطي (٥/٣٤)، وتسهيل الوصول لخالد العك ص(٢٣٨).
(٣) الروايات الواردة في حادثة الإفك، انظرها في: فتح الباري لابن حجر العسقلاني (٨/٤٥٢)، كتاب التفسير، سورة النور، حديث رقم (٤٧٥٠)، ولباب النقول للسيوطي ص(٢٨٤)، والرحيق المختوم للمباركفوري ص(٤٤٢).
(٤) البحر المحيط للزركشي (٣/٢١٦)، شرح مختصر الروضة للطوفي (٢/٥٠٥)، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص(٢٥٢).
(٥) أضواء البيان للشنقيطي، مثلاً (١/١٥) (٦/٧٧، ٥٧٧).
(٦) يتأل)) أبوجعفر، ((يأتل)) الباقون. القراءات العشر المتواترة، محمد كريّم راجح ص(٣٥٢).

٣- ختاماً يظهر لي -والله أعلم- أن الراجح في بيان المراد بالقول أنه على العموم المخصوص، بمعنى: أنهم يستمعون الأقوال ولكن هناك أقوال لا يستمعوها أصلاً -وهي ما ذكره ابن القيم في الوجه الثامن ونحوها- فهؤلاء الممدوحون في الآية يستمعون القول " ليميزوا بين ما ينبغي إيثاره مما ينبغي اجتنابه، فلهذا من حزمهم وعقلهم أنهم يتبعون أحسنه، وأحسنه على الإطلاق كلام الله - عز وجل - وكلام رسوله - ﷺ -، كما قال في هذه السورة ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا ﴾ [سورة الزمر: ٢٣] "(١).
٤- فإذا اتبعوا القرآن والسنة. وجدوا ما هو حسن وما هو أحسن، وهو المعبر عنه بالفاضل والأفضل، والواجب والندب، والعفو والقصاص، والرخصة والعزيمة... ونحوها، فيتبعون الأفضل والأحسن إيثاراً للأجر الأعلى. والله أعلم بالصواب.
- - -
المراد بالشهداء
٥٨- قوله تعالى: ﴿ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [سورة الزمر: ٦٩].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:
... اختلف المفسرون في المراد بالشهداء في الآية على أقوال:
١- أن الشهداء هم الرسل من البشر، الذين أرسلوا إلى الأمم، فلا يُقضى بين أمة حتى يأتي رسولها(٢).
٢- أن المراد بالشهداء: أمة محمد - ﷺ -، يشهدون للرسل أنهم بلّغوا رسالة الله - عز وجل - (٣).
٣- أن الشهداء هم الحفظة من الملائكة(٤).
٤- أو يراد بالشهداء كل من يشهد على الإنسان يوم القيامة من الملائكة والأعضاء والأرض وغيرها(٥).
... وهذه الأقوال الأربعة مبنية على أن الشهداء جمع شاهد(٦).
(١) تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص(٧٢٢).
(٢) أضواء البيان للشنقيطي (٧/٦٢).
(٣) جامع البيان للطبري (٢٤/٢٢).
(٤) مدارك التنزيل للنسفي (٤/٥٢).
(٥) تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص(٧٣٠).
(٦) حاشية الشهاب على البيضاوي (٧/٣٥٣).

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) }... ٩٣
﴿ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيد بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤) ﴾... ١٢٤
﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) ﴾... ١٢٥
﴿ يَا مَعْشَرَ اd`إgù:$# وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا $tRô‰خky­ عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا (#rك‰خky­ur عَلَى ِNخkإ¦àےRr& أَنَّهُمْ كَانُوا ڑْïحچدے"ں٢ (١٣٠) ﴾... ١٣٠
﴿ ٥e@à٦د٩ur دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا y٧ڑ/u' بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٣٢) ﴾... ١٣٢
﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا $oYح !%x.uژà³د٩ فَمَا كَانَ ِNخgح !%ں٢uژà³د٩ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى َOخgح !%ں٢uژà° سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (١٣٦) ﴾... ١٣٦... ، ٦٤١


الصفحة التالية
Icon