١- ((دينَهم)) أي جزاءهم الذي هو غاية العدل والإنصاف(١).
٢- ((دينَهم)) أي جزاءهم الواجب لهم(٢).
ترجيح الشنقيطي:
... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-:" المراد بالدين هنا الجزاء، ويدل على ذلك قوله ((يوفيهم)) لأن التوفية تدل على الجزاء، كقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ çm١u"ّgن† uن!#u"yfّ٩$# الْأَوْفَى (٤١) ﴾ [سورة النجم: ٤١]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [سورة آل عمران: ١٨٥]، وقوله: ﴿ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ ﴾ [سورة البقرة: ٢٨١] إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: ((دينهم)) أي جزاءهم الواجب الذي هم أهله، والأول أصح؛ لأن الله - عز وجل - يجازي عباده بإنصاف تام وعدل كامل؛ والآيات القرآنية في ذلك كثيرة كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا مNد=ّàtƒ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ ZpuZ|،xm يُضَاعِفْهَا ﴾ [سورة النساء: ٤٠]، وقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا مNد=ّàtƒ النَّاسَ $Z"ّ‹x© وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ tbqمKد=ّàtƒ (٤٤) ﴾ [سورة يونس: ٤٤]، وقوله: ﴿ وَنَضَعُ tûïخ-¨uqyJّ٩$# الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا مNn=ّàè؟ نَفْسٌ $Z"ّ‹x© وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ ٧p٦xm مِنْ خَرْدَلٍ $sY÷ s؟r& بِهَا وَكَفَى $sYخ/ ڑْüخ٧إ،"xm (٤٧) ﴾ [سورة الأنبياء: ٤٧] إلى غير ذلك من الآيات "(٣).
أقوال المفسرين:
يظهر لي أن أقوال المفسرين -في بيان معنى ((دينهم الحق))- متقاربة جدً بل متداخلة يصعب تقسيمهم إلى موافقين ومخالفين، وسأذكرهم متتابعين دون فصل بينهم.
فإليك -عزيزي القارئ- أقوالهم:
١- الطبري: " والدين في هذا الموضع الحساب والجزاء "(٤).

(١) أضواء البيان للشنقيطي (٦/١٦٦)، التحرير والتنوير لابن عاشور (١٨/١٩٢).
(٢) الكشاف للزمخشري (٣/٢١٧)، التسهيل لابن جزي (٣/١٣٦).
(٣) أضواء البيان للشنقيطي (٦/١٦٦).
(٤) جامع البيان للطبري (١٨/٨٤).

٥- أن الشهداء هم الذين استشهدوا في طاعة الله - عز وجل - (١). وهذا القول مبني على أن الشهداء جمع شهيد(٢).
ترجيح الشنقيطي:
... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " اختلف العلماء في المراد بالشهداء في هذه الآية الكريمة، فقال بعضهم: هم الحفظة من الملائكة الذين كانوا يحصون أعمالهم في الدنيا، واستدل من قال هذا بقوله تعالى: ﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا ×، ح !$y™ وَشَهِيدٌ ﴾ [سورة البقرة: ١٤٣].
وقال بعض العلماء: الشهداء أمة محمد - ﷺ -، يشهدون على الأمم، كما قال تعالى ﴿ y٧د٩¨x‹x.ur ِNن٣"sYù=yèy_ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ ]سورة البقرة: ١٤٣].
وقيل: الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله - عز وجل -.
وأظهر الأقوال في الآية عندي؛ أن الشهداء هم الرسل من البشر، الذين أرسلوا إلى الأمم؛ لأنه لا يُقضى بين الأمة حتى يأتي رسولها، كما صرح تعالى بذلك في سورة يونس في قوله تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٤٧) ﴾ [سورة يونس: ٤٧]. فصرح جل وعلا بأنه يسأل الرسل عما أجابتهم به أممهم، كما قال تعالى: ﴿ * يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ ﴾ [سورة المائدة: ١٠٩]. وقال تعالى: ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) ﴾ [سورة الأعراف: ٦]، وقد يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١) ﴾ [سورة النساء: ٤١]. لأن كونه - ﷺ - هو الشهيد على هؤلاء الذين هم أمته، يدل على أن الشهيد على كل أمة هو رسولها.
(١) النكت والعيون للماوردي (٥/١٣٧).
(٢) حاشية الشهاب على البيضاوي (٧/٣٥٣).

قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥) }... ١٤٥
﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٦٠) ﴾... ١٦٠... ، ٢١٣
سورة الأعراف
﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ ڑcqè=ح !$s% (٤) ﴾... ٤
﴿ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥) ﴾... ٥
﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) ﴾... ٦
﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨) ﴾... ١٨... ، ٧٩٠، ٧٩٩
﴿ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا nouچyf¤±٩$# بَدَتْ لَهُمَا $yJهkèE¨uنِqy™ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ $yJخkِژn=tم مِنْ وَرَقِ دp¨Ypgù:$# وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا دouچyf¤±٩$# وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ ×ûüخ٧-B (٢٢) ﴾... ٢٢
﴿ * يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١) ﴾... ٣١... ، ١٨٦، ٧٩٩
﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢) ﴾... ٣٢... ، ١٨٧، ٧٠٤، ٧١٠


الصفحة التالية
Icon