... وبألفاظ ومعانٍ مقاربة للأقوال المذكورة جاء كلام كل من الإمام ابن الجوزي(١)، وابن جزي(٢)، والبيضاوي(٣)، والبقاعي(٤)، والقنوجي(٥)، والمراغي(٦)، والسعدي(٧).
تعقيب الباحث:
... الذي يظهر -والله أعلم- صحة حمل لفظ ((أروني)) على كلا المعنيين المذكورين عن المفسرين، فإن كل فريق رجّح ما رجّحه في ضوء الحكمة المستنبطة من المعنى الذي ذهب إليه، وتوضيح ذلك:
١- أن الموافقين للشنقيطي -وهو معهم- لما بنّوا المعنى في ((أروني)) على أنها رؤية بالبصر، ذكروا أن الحكمة من هذه الإراءة أن يريهم الخطأ الشنيع الذين وقعوا فيه بإلحاق الشركاء بالله - عز وجل -، فإنهم عندما يُحضروا الأصنام ويشاهدها الجمع؛ يفتضح أمر المشركين ويظهر لكل عاقل برؤيتها بطلان عبادة ما لا ينفع ولا يضر، فإحضارها والكلام فيها وهي مشاهدة أبلغ من الكلام فيها وهي غائبة(٨).
٢- أن المرجحين لكون الرؤية يراد بها العلم والمعرفة القلبية؛ ذكروا أنه لا داعي لرؤية الأصنام والأوثان بحاسة البصر؛ لأنها معروفة عند الني - ﷺ - وكان يشاهدها، فلابد أن يراد بـ ((أروني)) -حسب ترجيحهم- أي أعلموني ماذا خلقت هذه الأصنام والأوثان في هذه الحياة، وبأي شيءٍ وصفةٍ استحقت منكم أن تعبدوها، فإن هذه الأصنام نكرة لا تعرف بقلب ولا تدل عليها فطرة وهذا فيه زيادة تبكيت لهم، كما ذكر ذلك البقاعي(٩).

(١) زاد المسير لابن الجوزي (٦/٢٣٦).
(٢) التسهيل لابن جزي (٣/٣٢٨).
(٣) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/١٤٠٩.
(٤) نظم الدرر للبقاعي (١٥/٥٠٢).
(٥) فتح البيان للقنوجي (١١/١٩٣).
(٦) تفسير المراغي (٢٢/٨٢).
(٧) تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص(٦٨٠)
(٨) فتح البيان للقنوجي (١١/١٩٣)، أضواء البيان للشنقيطي (٦/٦٢٢).
(٩) نظم الدرر للبقاعي (١٥/٥٠٢).

٧- الخازن(١).......... ٨- أبوحيان (٢)....... ٩- البيضاوي(٣).
١٠- المحلي(٤)....... ١١- الألوسي(٥)....... ١٢- القاسمي(٦).
... في حين أن عدداً غير قليل من المفسرين حملوا لفظ النجم على إرادة المعنيين، معتبرين صحة كل واحد منهما على وجهه، فمنهم:
١- الماوردي(٧)....... ٢- البغوي (٨)....... ٣- ابن الجوزي(٩).
٤- القرطبي(١٠)....... ٥- ابن جزي(١١)....... ٦- الثعالبي(١٢).
٧- البقاعي(١٣)....... ٨- الشوكاني(١٤)....... ٩- القنوجي(١٥).
١٠- سيد قطب(١٦).
١١- ابن عاشور: علل التعبير بلفظ (النجم) في الآية بقوله: " لصلاحيته لأنه يراد منه نجوم السماء، وما يسمى نجماً من نبات الأرض " إلى أن قال: " والنجم يطلق اسم جمع على نجوم السماء؛ قال تعالى: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) ﴾ [سورة النجم: ١]، ويطلق مفرداً فيجمع على نجوم؛ قال تعالى: ﴿ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ [سورة الطور: ٤٩]... ويطلق النجم على النبات والحشيش الذي لا سُوق له فهو متصل بالتراب، والشجر: النبات الذي له ساق وارتفاع من وجه الأرض "(١٧).
تعقيب الباحث:
... كلامي في هذا الموضع على نقاط:
(١) لباب التأويل للخازن (٧/٣).
(٢) البحر المحيط لأبي حيان (١٠/٥٦).
(٣) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/٢٤٠).
(٤) تفسير الجلالين ص(٤٥٠).
(٥) روح المعاني للألوسي (٢٧/١٠٠).
(٦) محاسن التأويل للقاسمي (١٥/٥٦١٣).
(٧) النكت والعيون للماوردي (٥/٤٢٤).
(٨) مختصر البغوي (٢/٩٠٩).
(٩) زاد المسير لابن الجوزي (٧/٢٥٥).
(١٠) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٧/١٥٤).
(١١) التسهيل لابن جزي (٤/١٥١).
(١٢) جواهر الحسان للثعالبي (٤/٢٤٨).
(١٣) نظم الدرر للبقاعي (١٩/١٤٦).
(١٤) فتح القدير للشوكاني (٥/١٣١).
(١٥) فتح البيان للقنوجي (١٣/٣١٥).
(١٦) في ظلال القرآن لسيد قطب (٦/٣٤٤٨).
(١٧) التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٧/٢٣٦).


الصفحة التالية
Icon