٤٩- قوله تعالى: ﴿ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (٦) ﴾ [سورة يس: ٦].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:
١- أن لفظة (ما) في الآية نافية؛ وعليه يكون المعنى: لم ينذر آباؤهم(١).
٢- أن تكون موصولة أو موصوفة؛ وعليه يكون المعنى: لتنذر قوماً الذي أنذره آباؤهم، أو لتنذرهم عذاباً أنذره آباؤهم(٢).
٣- أن تكون مصدرية؛ وعليه يكون المعنى: إنذار آبائهم(٣).
ترجيح الشنقيطي:
... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " لفظة (ما) من قوله تعالى ((ما أنذر آباؤهم)) قيل نافية وهو الصحيح، وقيل موصولة، وعليه فهو المفعول الثاني لتنذر، وقيل مصدرية.
وإن مما يدل على ذلك ترتيبه بالفاء عليه قوله بعده ((فهم غافلون)) لأن كونهم غافلين يناسب عدم الإنذار لا الإنذار، وهذا هو الظاهر مع آيات أخر(٤) دالة على ذلك "(٥).
الموافقون:
وأعني بهم الذين ذكروا أن لفظه (ما) في الآية يراد بها النفي، ويكون المعنى: لم ينذر آباؤهم.
١- الإمام الواحدي: " ((لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم)) في الفترة ((فهم غافلون)) عن الإيمان والرشد "(٦).
(٢) فتح القدير للشوكاني (٤/٣٤٩).
(٣) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/١٤٩).
(٤) كقوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ ڑپخ=ِ٦s%... ﴾ [سورة القصص: ٤٦]، وكقوله تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ y٧خ=ِ٦s%... ﴾ [سورة السجدة: ٣] وكقوله تعالى: ﴿ وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) ﴾ [سورة سبأ: ٤٤].
(٥) أضواء البيان للشنقيطي (٦/٦٤٩-٦٥٠).
(٦) الوجيز للواحدي (٢/٨٩٦).
ومنه قول لبيد(١):
وفي الخباء عروب غير فاحشة......... ريا الروادف يعشى دونها البصر "(٢).
الموافقون:
إلى مثل ما ذهب إليه الشنقيطي قد ذهب كثير من المفسرين، منهم:
١- الطبري: " وقوله ((عرباً)) يقول تعالى ذكره فجعلناهن أبكاراً غنجات متحببات إلى أزواجهن بحسن التبعل، وهي جمع واحدهن عروب "(٣).
٢- الواحدي: " ((عُرباً)) متحببات إلى الأزواج، عواشق لهم "(٤).
٣- النسفي: " ((عرباً)) جمع عروب: وهي المتحببة إلى زوجها الحسنة التبعل "(٥).
٤- الزمخشري: " ((عرباً)): جمع عروب وهي المتحببة إلى زوجها الحسنة التبعل "(٦).
٥- النيسابوري: " ((عرباً)) العروب: الحسنة التبعّل، الفطنة بمراد الزوج كفطنة العرب "(٧).
٦- البيضاوي: " ((عرباً)) متحببات إلى أزواجهن، جمع عروب "(٨).
٧- المحلي: " ((عرباً)) بضم الراء وسكونها جمع عروب وهي المتحببة إلى زوجها عشقاً له "(٩).
٨- البقاعي: " ((أبكاراً)) أي بكارة دائمة لأنه لا تغيير في الجنة ولا نقص. ولما كان مما جرت به العادة أن البكر تتضرر من الزوج لما يلحقها من الوجع بإزالة البكارة، دل على أنه لا نكد هناك أصلاً بوجع ولا غيره بقوله ((عرباً)) جمع عروب، وهي الغنجة المتحببة إلى زوجها "(١٠).
ولبيد هو ابن ربيعة بن مالك العامري، من أضخم الجاهليين شعراً وأكثرهم فحولة، أدرك الإسلام وحسن إسلامه. شرح ديوان لبيد ص(١٧، ٤٠٣).
(٢) أضواء البيان للشنقيطي (٧/٧٧٥).
(٣) جامع البيان للطبري (٢٧/١٠٧).
(٤) الوجيز للواحدي (٢/١٠٦١).
(٥) مدارك التنزيل للنسفي (٤/١٦٤).
(٦) الكشاف للزمخشري (٤/٤٥١).
(٧) إيجاز البيان للنيسابوري (٢/٢٣٨).
(٨) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/٢٤٤).
(٩) تفسير الجلالين ص(٤٥٢).
(١٠) نظم الدرر للبقاعي (١٩/٢١٠).