٣- النيسابوري: " ((ما أنذر آباؤهم)) يجوز (ما) نافية، ويجوز بمعنى الذي، أي لتخوّفنهم الذي خوِّف آباؤهم؛ لأن الأرض لا تخلو من حجة "(١).
٤- البيضاوي: " ((ما أنذر آباؤهم)) قوماً غير منذر آباؤهم يعني آباءهم الأقربين لتطاول مدة الفترة، فيكون صفة مبينة لشدة حاجتهم إلى إرساله، أو الذي أنذر به أو شيئاً أنذر به آباؤهم الأبعدون فيكون مفعولاً ثانياً لتنذر، أو إنذار آبائهم على المصدر "(٢).
٥- البقاعي: " ولما ذكر المرسل والمرسَل به والمرسِل؛ ذكر المرسَل له، فقال ((لتنذر قوماً)) أي ذوي بأس وقوة وذكاء وفطنة ((ما أنذر)) أي لم ينذر أصلاً ((آباؤهم)) أي الذين غيَّروا دين أعظم آبائهم إبراهيم - عليه السلام - ومن أتى بعدهم عند فترة الرسل. ولما كان عدم الإنذار موجباً للاستيلاء الحظوظ والشهوات على العقل فيحصل على ذلك الغفلة عن طريق النجاة؛ قال ((فهم)) أي بسبب زمان الفترة ((غافلون)). أو المعنى على أن (ما) مفعول ثان لتنذر: أي لتنذرهم الذي أنذره آباؤهم الذين كانوا قبل التغيير، فإن هؤلاء غافلون عن ذلك لطول الزمان وحدوث النسيان "(٣).
... وبكلام يشبه أقوال من ذكرت جاء تفسير كل من: الإمام النحاس(٤)، والنسفي(٥)، وابن عطية(٦)، وابن الجوزي(٧)، والفخر الرازي(٨)، والقرطبي(٩)، وأبي حيان(١٠)، وأبي السعود(١١)، والألوسي(١٢).

(١) إيجاز البيان للنيسابوري (٢/١٣٩).
(٢) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/١٤٩).
(٣) نظم الدرر للبقاعي (١٦/٩٤).
(٤) معاني القرآن الكريم للنحاس (٥/٤٧٤).
(٥) مدارك التنزيل للنسفي (٤/٣).
(٦) المحرر الوجيز لابن عطية (١٢/٢٧٣).
(٧) زاد المسير لابن الجوزي (٦/٢٦٢).
(٨) التفسير الكبير للفخر الرازي (٩/٢٥٣).
(٩) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٥/٧).
(١٠) البحر المحيط لأبي حيان (٩/٤٩).
(١١) إرشاد العقل السليم لأبي السعود (٤/٤٩٣).
(١٢) روح المعاني للألوسي (٢٢/٢١٣).

٣- الذين لم يرجحوا ما رجحه الشنقيطي واكتفوا بسرد الأقوال كلها أو بعضها عند تفسيرهم للآية، يلاحظ أنهم جميعاً متفقون على ذكر الأقوال (١، ٢، ٣، ٤) من مجمل الأقوال، وهي:
١- المتحببات إلى أزواجهن.
٢- الحسنة التبعل.
٣- الحسنة الكلام.
٤- العاشقة لزوجها.
... وكما هو واضح أنه لا تنافر بين الأقوال المذكورة بل كلها تؤدي معنىً واحداً، فإن المرأة العروب: هي المتحببة إلى زوجها؛ بحسن التبعل (عمل)، وحسن الكلام (قول)، وعشقها لزوجها (محبة قلبية)، فإذا اجتمعت هذه الصفات في امرأةٍ فهي عروب، وهي صفة نساء أهل الجنة. جعلنا الله - عز وجل - وإياكم وجميع المسلمين من أهل الجنة.
... وإليك كلام بعض المفسرين مما يوضح هذا الترابط الشديد بين الأقوال، يقول الماوردي -بعد ذكر أن من معاني العروب: العاشقة لزوجها- " لأن عشقها له يزيده ميلاً إليها وشغفاً بها "(١)، ويقول النيسابوري: " العروب: الحسنة التبعل، الفطنة بمراد الزوج كفطنة العرب "(٢)، فكونها تفطن لمراد زوجها يعني أنها تحسن تصرفاتها وأقوالها ومشاعرها معه. ويقول الألوسي: " ولا يخفى أن الغنج ألطف أسباب التحبب "(٣).
... ويقول السعدي: " ويدخل في ذلك الغنجة عند الجماع "(٤). ويقول ابن عاشور: " وإنما فسروها بالمتحببة لأنهم لما رأوا هاته الأعمال تجلب محبة الرجل للمرأة ظنوا أن المرأة تفعلها لاكتساب محبة الرجل "(٥). والله أعلم بالصواب.
- - -
من هم (المقوين)؟
(١) النكت والعيون للماوردي (٥/٤٥٥).
(٢) إيجاز البيان للنيسابوري (٢/٢٣٨).
(٣) روح المعاني للألوسي (٢٧/١٤٢).
(٤) تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص(٨٣٤).
(٥) التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٧/٣٠١).


الصفحة التالية
Icon