٥٠- قوله تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (٩) ﴾ [سورة يس: ٨-٩].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:
١- أن معنى هذه الآية على الاستعارة والتمثيل وذلك عبارة عن تماديهم على الكفر ومنع الله - عز وجل - لهم من الإيمان، فشبههم بمن جعل في عنقه غل يمنعه من الالتفات، وغطّى على بصره فصار لا يرى(١).
٢- أن المعنى أيضاً على التمثيل ويراد به: أمسكنا أيديهم عن النفقة في سبيل الله - عز وجل - بموانع كالأغلال(٢). أو يكون المنع شاملاً لمنعهم عن كل خير(٣).
٣- أن هذه الآية على الحقيقة لا الاستعارة وهي أنه لمّا أخبر تعالى أنهم لا يؤمنون، أخبر عن شيء من أحوالهم في الآخرة إذا دخلوا النار من وضع الأغلال في أعناقهم(٤).
٤- أن هذه الأغلال موانع حسية منعت كما يمنع الغُلُّ، ونزلت هذه الآية في أبي جهل ومن معه حين حاولوا إيذاء رسول الله - ﷺ - فمنعه الله - عز وجل - منهم وأعماهم عنه(٥).
ترجيح الشنقيطي:
(٢) الوجيز للواحدي (٢/٨٩٧).
(٣) زاد المسير لابن الجوزي (٦/٢٦٣).
(٤) البحر المحيط لأبي حيان (٩/٤٩)، فتح القدير للشوكاني (٤/٣٥٠).
(٥) أسباب النزول للسيوطي مطبوع بذيل مفردات القرآن للحمصي ص(٤١١)، زاد المسير لابن الجوزي (٦/٢٦٣)، لباب التأويل للخازن (٦/٣).
حييت من طلل تقدم عهده...... أقوى وأقفر بعد أم الهيْثم(١)
وقيل: للمقوين؛ أي للجائعين، وقيل غير ذلك، والذي عليه الجمهور هو ما ذكرنا "(٢).
الشيخ الشنقيطي رجّح أن المراد بالمقوين: المسافرون.
الموافقون:
رجّح مثل ترجيح الشنقيطي؛ وأن لفظ ((المقوين)) يراد به المسافرون، عدد غير قليل من المفسرين، منهم:
١- الطبري (٣)....... ٢- الواحدي (٤)....... ٣- ابن القيم (٥)....
٤- أبوحيان(٦)....... ٥- المحلي(٧).......... ٦- الثعالبي(٨).
٧- القنوجي(٩)....... ٨- سيد قطب(١٠).
المخالفون:
المخالفون في هذا الموضع على فئات:
أ- الفئة الأولى: من حمل لفظ ((المقوين)) على معنى واحد من المعاني المذكورة في مجمل الأقوال، منهم:
١- الفخر الرازي: "... والمقوي: هو الذي أوقده فقواه وزاده "(١١).
٢- البقاعي: " ((للمقوين)) أي الجياع الذين أقوت بطونهم -أي خلت- من الفقر"(١٢).
ب- الفئة الثانية: من حمل لفظ ((المقوين)) على معنيين من المعاني المذكورة في مجمل الأقوال على اعتبار احتمال أيّ من القولين أو كلاهما معاً للآية، وهذه الفئة على نوعين حسب الأقوال التي اختاروها:
النوع الأول: الذين حملوا لفظ ((المقوين)) على أنه يراد به المسافرون أو الجائعون -وهذان هما القولان (١+٢) من مجمل الأقوال- وممن قال بهذا:
(٢) أضواء البيان للشنقيطي (٧/٧٩٦).
(٣) جامع البيان للطبري (٢٧/١١٦).
(٤) الوجيز للواحدي (٢/١٠٦٣).
(٥) بدائع التفسير لابن القيم (٤/٣٥٦).
(٦) البحر المحيط لأبي حيان (١٠/٩٠).
(٧) تفسير الجلالين ٢(٤٥٤).
(٨) جواهر الحسان للثعالبي (٤/٢٥٦).
(٩) فتح البيان للقنوجي (١٣/٣٨٠).
(١٠) في ظلال القرآن لسيد قطب (٦/٣٤٧٠).
(١١) التفسير الكبير للفخر الرازي (١٠/٤٢٣).
(١٢) نظم الدرر للبقاعي (١٩/٢٣٠).