... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " الأغلال: جمع غل وهو الذي يجمع الأيدي إلى الأعناق. والأذقان: جمع ذقن وهو ملتقى اللحيين. والمُقمح بصيغة اسم المفعول: هو الرافع رأسه. والسد بالفتح والضم: هو الحاجز الذي يسد طريق الوصول إلى ما وراءه. قوله (فأغشيناهم) أي جعلنا على أبصارهم الغشاوة، وهي: الغطاء الذي يكون على العين يمنعها من الإبصار.
والمراد بالآية الكريمة: أن هؤلاء الأشقياء الذين سبقت لهم الشقاوة في علم الله - عز وجل - المذكورين في قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧) ﴾ [سورة يس: ٧]؛ صرفهم الله - عز وجل - عن الإيمان صرفاً عظيماً مانعاً من وصوله إليهم؛ لأن من جعل في عنقه غل، وصار الغل إلى ذقنه، حتى صار رأسه مرفوعاً لا يقدر أن يطأطئه، وجعل أمامه سد وخلفه سد وجعل على بصره الغشاوة؛ لا حيلة له في التصرف، ولا في جلب نفع لنفسه، ولا في دفع ضر عنها، فالذين أشقاهم الله بهذه المثابة لا يصل إليهم خير.
١- النسفي(١)....... ٢- الزمخشري(٢)....... ٣- ابن جزي(٣).
٤- البيضاوي(٤)....... ٥- ابن عاشور(٥).
... النوع الثاني: الذين حملوا لفظ ((المقوين)) على أنه يراد به المسافرون أو المستمتعون المنتفعون بالنار عموماً من مسافرين وحاضرين -وهذان هما القولان (١+٤) من مجمل الأقوال- وممن قال بهذا.
١- النيسابوري(٦).......... ٢- السعدي(٧).
جـ- الفئة الثالثة: من حمل لفظ (المقوين) على ثلاثةٍ من المعاني المذكورة في مجمل الأقوال، وهي الأقوال (١+٤+٥)، فيراد بالمقوين: المسافرين أو المستمتعين المنتفعين بها عموماً فيشمل المسافر والحاضر، أو أن لفظ (المقوي) من الأضداد فيقال للفقير مقوٍ لخلوه من المال، ويقال للغني مقوٍ لقدرته على ما يريد، واختار هذه المعاني وذكرها عند تفسيره للآية: الخازن(٨).
د- الفئة الرابعة: من ذكر أربعة أقوال تحت تفسيره للآية، وهؤلاء نوعان حسب ما اختاروه من أقوال:
النوع الأول: من رجح الأقوال رقم (١+٢+٣+٤) وهي: (المسافرون، والجائعون، والفقراء، والمساكين، والمستمتعون عموماً)، وقال بهذا: ابن الجوزي(٩).
النوع الثاني: من رجح الأقوال رقم (١+٢+٤+٥) وهي: (المسافرون، والجائعون، والمستمتعون المنتفعون بها عموماً)، أو أن لفظ (المقوي) يعتبر من الأضداد فيطلق على الغني والفقير، وممن ذكر هذا:
١- البغوي(١٠)....... ٢- القرطبي(١١)....... ٣- الألوسي(١٢).
تعقيب الباحث:

(١) مدارك التنزيل للنسفي (٤/١٦٦).
(٢) الكشاف للزمخشري (٤/٤٥٦).
(٣) التسهيل لابن جزي (٤/١٦٧).
(٤) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/٢٤٥).
(٥) التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٧/٣٢٧).
(٦) إيجاز البيان للنيسابوري (٢/٢٤٠).
(٧) تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص(٨٣٦).
(٨) لباب التأويل للخازن (٧/٢٠).
(٩) زاد المسير لابن الجوزي (٧/٢٩١).
(١٠) مختصر البغوي (٢/٩٢٠).
(١١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٧/٢٢٢).
(١٢) روح المعاني للألوسي (٢٧/١٥٠).


الصفحة التالية
Icon